سلام: الدولة اللبنانية وحدها يمكنها امتلاك السلاح داخل أراضيها

السياسي – أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن لبنان يواجه انهياراً شبه كامل بعد عقود من سوء الإدارة والفساد والطائفية والحروب، مشيراً إلى أن حكومته تعمل على انطلاقة وطنية جديدة تقوم على ركيزتي السيادة والإصلاح لإعادة بناء الدولة والاقتصاد.

في مقال رأي كتبه سلام في صحيفة «فايننشال تايمز»، قال: «عندما انتقلت من رئاسة محكمة العدل الدولية لتولي رئاسة وزراء لبنان، كنت أدرك تماماً حجم التحدي. لم أجد دولة مستقرة، بل بلداً أنهار تقريباً بعد عقود من سوء الإدارة والطائفية والفساد والحروب. من أولوياتي كان استعادة سلطة الدولة وتعزيز سيادتها، بما يشمل احتكار الدولة للسلاح في كل أراضيها، وضمان سيادة القانون، إلى جانب تعزيز الأمن ومكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات، وإعادة بناء المؤسسات لتعزيز الثقة الوطنية والدولية».

وأشار سلام إلى عمق الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان، قائلاً: «فقدت عملتنا الوطنية أكثر من 98 في المائة من قيمتها منذ عام 2019، وانكمش الاقتصاد بنحو 45 في المائة، وتم تجميد أكثر من 124 مليار دولار من ودائع المواطنين في البنوك. ثم جاء انفجار مرفأ بيروت عام 2020 ليودي بحياة أكثر من 200 شخص، ويصيب آلافاً، ويدمر أجزاء واسعة من العاصمة، وهو ما كشف عن فشل مؤسساتي فاضح. كما زادت الأحداث الأخيرة مع إسرائيل من تدهور الوضع الأمني والدمار في البلاد».

وأضاف: «لكن قصة لبنان يجب ألا تنتهي بالانهيار. مستقبلنا يمكن ويجب أن تقوده دولة قوية وحديثة، تدعم روح ريادة الأعمال والابتكار والإصرار التي يشتهر بها اللبنانيون منذ زمن طويل. لذلك، فإن حكومتنا مصممة على انطلاقة وطنية جديدة تستند إلى ركيزتين متلازمتين: السيادة والإصلاح».

وأوضح سلام أن الركيزة الأولى، أي السيادة، تمثل مسألة حاسمة. وقال: «نتمسك بشكل قاطع بأن الدولة اللبنانية وحدها هي التي يمكنها امتلاك السلاح داخل أراضيها، وأنها وحدها من تملك السلطة لاتخاذ قرارات الحرب والسلام».

وأضاف أن حكومته أعطت الجيش اللبناني تعليماته في الخامس من أغسطس (آب) الماضي، لوضع خطة شاملة لضمان احتكار الدولة للسلاح في جميع أنحاء البلاد. وبعد شهر واحد، تم إقرار خطة تحدد، كمرحلة أولى، مهلة ثلاثة أشهر لضمان السيطرة الحصرية للدولة على الأسلحة جنوب نهر الليطاني، مع احتواء الأسلحة في بقية المناطق.

وأشار سلام إلى جهود الحكومة لتعزيز الأمن، بما في ذلك مطار بيروت الدولي والمعابر الحدودية، وفكك المئات من مستودعات الأسلحة غير المشروعة وشبكات تهريب الأسلحة والمخدرات وغيرها من البضائع.

أما الركيزة الثانية، أي الإصلاح، فهي ضرورية لإعادة بناء الاقتصاد وتعزيز المؤسسات الداعمة له، بحسب سلام الذي أوضح أننا «أقررنا قانوناً تاريخياً برفع السرية المصرفية، وآخر يضع إطاراً حديثاً لإدارة الأزمات المصرفية، ونحن الآن نعمل على قانون طال انتظاره لضمان العدالة للمودعين وتوزيع عادل وشفاف للخسائر الكبيرة الناجمة عن الانهيار المالي».

وأكد أن هذه الإصلاحات ليست مجرد ضرورة أخلاقية، بل هي شرط أساسي لبرنامج التعاون مع صندوق النقد الدولي، كما ستساعد في تفكيك الاقتصاد النقدي الذي أصبح أرضاً خصبة لغسل الأموال والجريمة المنظمة.

وتابع أن الحكومة تقدمت بمشروع قانون لضمان استقلال القضاء، وشكلت هيئات ناظمة مستقلة لإعادة هيكلة قطاعات الكهرباء والطيران والاتصالات، كما وضعت معايير للجودة والجدارة في التعيينات العامة. وأكد أن مواجهة هذه التحديات تتطلب دعماً متجدداً من الشركاء الدوليين.

ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لوقف الأعمال العدائية والانسحاب الكامل من لبنان، وتعزيز دعم القوات المسلحة اللبنانية، باعتبارها المؤسسة الأكثر قدرة على ضمان الاستقرار في البلاد.

وقال سلام: «بينما نتفاوض مع صندوق النقد الدولي ونسعى لجذب الاستثمارات، لن ندخر جهداً للحصول على التمويل اللازم لإعادة الإعمار والتنمية. ونحن نحث شركاءنا الدوليين على دعمنا، فدون مساعدتهم ستجد المصالح المتجذرة فرصة لملء الفراغ وإعادة البلاد إلى قبضة الزبائنية والفساد والإفلات من العقاب».

وختم سلام مقاله بالقول: «لبنان مهم لاستقرار المنطقة الأوسع. نحن لا نطلب من أشقائنا أو شركائنا الدوليين أن يقوموا بعملنا نيابة عنا، بل أن يقفوا معنا ويساعدونا على النجاح».