في استجابة للضغوط الأوروبية، اختار وزير المالية في الأيام الأخيرة الموافقة على زيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة، والتي يصل جزء منها إلى يد حركة حماس، بدلاً من الإفراج عن نحو مليار شيكل لصالح السلطة الفلسطينية. في المقابل، توصي وزارة الخارجية بالإفراج عن الأموال لتجنّب فرض عقوبات.
الكاتب: نتي توكر
يفضّل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش مرة أخرى تقوية تنظيم حماس الإرهابي بدلاً من تنظيم العلاقات مع السلطة الفلسطينية. سموتريتش يعرقل تحويل نحو مليار شيكل للسلطة. وفي استجابة للضغوط الأوروبية، والتي تناولت أيضًا وقف تحويل الأموال للسلطة، فضّل سموتريتش خلال الأيام الأخيرة الموافقة على زيادة المساعدات الإنسانية لغزة — التي يصل جزء منها إلى يد حماس — ورفض الإفراج عن الأموال المخصصة للسلطة.
في يونيو، وبعد نشر نية عدد من الدول الأوروبية فرض عقوبات شخصية على سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، أعلن سموتريتش ردًا على ذلك أنه سيوقف الضمانات الحكومية للبنوك الإسرائيلية التي تتعامل مع البنوك الفلسطينية وتوفر لها إمكانية الوصول إلى النظام المالي العالمي. إيقاف هذا الضمان يُعتبر فعليًا بمثابة انهيار للبنوك الفلسطينية.
لكن سموتريتش لم يتمكن من تنفيذ هذه الخطوة دون قرار من مجلس الوزراء، وذلك لأنه بنفسه قد وقّع مسبقًا على تمديد الضمان حتى نوفمبر 2025.
لكن تبيّن لاحقًا أن سموتريتش قام بخطوة أخرى: أصدر تعليماته لوزارة المالية بوقف تحويل أموال الضرائب التي تجمعها إسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية بشكل أحادي. هذه الأموال تشمل ضريبة القيمة المضافة عن عمل العمال الفلسطينيين والرسوم الجمركية عن حركة البضائع. هذا الدخل يُعتبر هامًا جدًا للسلطة ويشكل نسبة كبيرة من ميزانيتها. حتى الآن، وبحسب قانون تم تمريره في هذا الشأن، تقوم إسرائيل باقتطاع مبالغ مختلفة من هذه التحويلات — مثل ديون السلطة لإسرائيل، وخاصة مبالغ تعادل ما تنقله السلطة لعائلات “إرهابيين”. المبلغ الإجمالي الذي تم تجميده حتى الآن هو نحو 3.5 مليار شيكل، ومخصص بالكامل لتعويض عائلات ضحايا العمليات الإرهابية.
لكن سموتريتش، وبدون أي نقاش رسمي في الكابينت أو الحكومة، قرر أن يأمر وزارة المالية بإيقاف كامل لتحويل أموال التسوية إلى السلطة الفلسطينية. وقد تم بالفعل تجميد الأموال عن شهري مايو ويونيو، والتي بلغت 890 مليون شيكل كانت ستُحوّل للسلطة. هذا الموضوع يُثقل على العلاقات بين إسرائيل وأوروبا، والاتحاد الأوروبي يمارس ضغوطًا على إسرائيل للإفراج عن الأموال — خشية من انهيار السلطة.
قرار فردي
تم اتخاذ هذه الخطوة من قبل سموتريتش بشكل فردي، دون إشراك القيادة السياسية العليا. المسؤولية عن تحويل الأموال للسلطة تقع على عاتق طاقم في وزارة المالية يقوده نائب المدير العام، يوراي متسلاوي. هذا الطاقم مسؤول عن اتخاذ قرارات بشأن اقتطاع الأموال المرتبطة بالإرهاب، لكن ليس عن إيقاف كامل لأموال التسوية. في الوقت نفسه، تمارس وزارة الخارجية ضغوطًا على سموتريتش للإفراج عن الأموال لتجنّب العقوبات على إسرائيل.
في الوقت الراهن، تراجع الاتحاد الأوروبي عن نيته فرض عقوبات على إسرائيل. في بيان نُشر هذا الأسبوع، تقرر أن وزراء الاتحاد لن يناقشوا حاليًا اقتراح فرض العقوبات، وذلك في أعقاب اتفاق جديد التزمت فيه إسرائيل بزيادة كبيرة في المساعدات الإنسانية لغزة، بما في ذلك الكهرباء، والتي يستفيد منها جزئيًا حماس. وهذا يعني أن سموتريتش فضّل إرضاء الاتحاد الأوروبي عبر زيادة المساعدات الإنسانية، لكنه أصر على عدم تحويل أموال التسوية للسلطة.
إلى جانب هذا التجميد الذي تنفّذه وزارة المالية، هناك أيضًا تجميد مبلغ كبير آخر يقدّر بنحو 10 مليارات شيكل لصالح السلطة الفلسطينية. تم تنفيذ هذا التجميد من قبل بنك إسرائيل، بناءً على توصيات جهات مهنية وأمنية، ولا يواجه نفس الضغط الدولي كما في موضوع أموال التسوية.
ارتفاع غير مبرر
هذا المبلغ الكبير يعود إلى ترتيب بين النظام البنكي للسلطة وتلك الخاص بإسرائيل. كل ربع سنة، يُدخل بنك إسرائيل إلى النظام البنكي العالمي نحو 4.5 مليار شيكل من أرصدة السيولة النقدية الخاصة بالسلطة الفلسطينية. هذه العملية تتيح ربط السلطة بالنظام المالي العالمي.
لكن خلال العامين والنصف الأخيرين، رصد بنك إسرائيل ارتفاعًا حادًا وغير مبرر في أرصدة السيولة التي تسعى السلطة لتحويلها عبر بنك إسرائيل. هذا الارتفاع وصل حاليًا إلى 10 مليارات شيكل، لكن البنك لا يُدخلها للنظام البنكي. أي أن البنك ينقل فقط الحصة المتفق عليها وهي 4.5 مليار شيكل — لكنه لا يحوّل الجزء الإضافي الذي يزداد كل ربع سنة.
السبب في ذلك هو الخشية في إسرائيل من أن يكون جزء من هذا المال — بسبب عدم توضيح مصدره — مرتبطًا بنشاطات إرهابية أو تمويل متعلق بالمساعدات. ووفقًا للسياسة الإسرائيلية، إذا كان حتى جزء صغير من مبلغ مالي كبير يُشتبه بأنه أموال إرهاب، يتم تجميد المبلغ كله وعدم تحويله.
وتطالب إسرائيل بتفسيرات حول مصدر هذه الأموال، وتُطالب بشكل خاص بتحويل الأموال بطرق رقمية يمكن من خلالها تتبع مصدر المال ووجهته. نتيجة لذلك، أصدرت السلطة تعليمات بتقليل استخدام النقد، والأمل أن يؤدي وقف الأموال إلى تعزيز مراقبة مالية أفضل على أموال السلطة.
بأي حال من الأحوال، لا يوجد قرار رسمي بوقف هذه الأموال، لكن وبناءً على توصيات الجهات الأمنية، رفض بنك إسرائيل الطلبات بزيادة المبلغ المحوّل، لكنه يستمر في نقل الحصة المتفق عليها كل ربع سنة — دون زيادة. من جهة أخرى، هناك من يدعو أيضًا إلى وقف تحويل حصة الـ4.5 مليار شيكل نفسها، لكن هناك خشية من أن يؤدي ذلك إلى انهيار فوري للسلطة الفلسطينية.