سوريا تسمح للمستثمرين الأجانب بالتملك الكامل

السياسي – أثار القانون الجديد الذي أقرته الحكومة السورية للاستثمار، الذي يتيح للمستثمرين الأجانب تملك مشاريعهم في سوريا بنسبة 100 في المئة من دون الحاجة إلى شريك محلي، قراءات متباينة، بين من رحب بالقرار باعتباره يجذب الاستثمارات الخارجية، وبين فريق حذر من تحول بعض المستثمرين الأجانب إلى لاعبين في القرار السياسي، في ظل الهشاشة التي تعاني منها البلاد الخارجة للتو من حرب مدمرة.

وكان رئيس هيئة الاستثمار السورية طلال الهلالي قد أكد أن وفق قانون الاستثمار الجديد الصادر خلال 2025، فإن المستثمر الأجنبي يحق له تملك استثماره في سوريا بنسبة 100 في المئة، دون الحاجة إلى شريك محلي.

ويلفت المستشار الأول لوزارة الاقتصاد والصناعة السورية أسامة القاضي، إلى سماح أكثر من دولة منها دول في مجلس التعاون الخليجي للمستثمرين الأجانب بالتملك الكامل، ويقول: “الخطوة تعزز ثقة المستثمر الأجنبي بالدولة، ويخلق نوعا من الاستقرار في الاستثمار، وهذه الأداة ضرورية لتشجيع الاستثمار في بعض القطاعات الضرورية”.
ويضيف أن الدولة تكتفي بمراقبة حجم الاستثمارات، وتضع الشروط التي تضمن أن لا تتجاوز هذه الاستثمارات نسبة معينة، حتى لا تؤثر على سيادة الدولة أو على تركيبتها الديموغرافية.

وبحسب القاضي، فإن السماح للمستثمرين الأجانب بالتملك الكامل، من شأنه خلق فرص عمل جديدة، ونقل التكنولوجيا، وخاصة إذا حدد الاستثمار في قطاعات معينة، حيث نضمن خلق منافسة بين المستثمرين المحليين والأجانب.

على النسق ذاته، يلفت الباحث والخبير الاقتصادي يونس الكريم، إلى مساهمة السماح للمستثمرين الأجانب بالتملك الكامل في دعم جذب الاستثمارات، وبزيادة الثقة بالحكومة.

في المقابل إلى “سلبيات” للخطوة، منها توجه المستثمر إلى الاستفادة الكاملة من المشروع دون أن يضيف للاقتصادي الوطني السوري، بحيث يستفيد المستثمر من الإعفاءات الضريبية ومن الثغرات القانونية، ليجعل مشروعه معزولا عن الاقتصاد المحلي.

وأضاف أن تمكين المستثمرين من التملك قد يعني تأجيل بعض المشاريع الضرورية، موضحا أن “المستثمر الأجنبي قد يؤجل مشروعا ضروريا على اعتبار أنه غير ملزم بالاستكمال لأن المشروع خاص”.

ومن السلبيات الأخرى، بحسب الكريم هو تحول بعض المستثمرين الأجانب إلى شركاء في القرار السياسي والسيادي للدولة، بعد امتلاكهم المشاريع الحيوية في قلب المدن، وخاصة أن سوريا تعاني من ضعف البنية القانونية.

ويتوج كل ذلك، الخوف من تحول المشاريع إلى خدمة اقتصادات خارجية، على حساب الموارد السورية، والدعم المُقدم للمستثمرين، كما يؤكد الكريم.
من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي سمير طويل، أن السماح للمستثمرين الأجانب بالتملك الكامل، له العديد من الإيجابيات، أهمها التخلص من احتكار طبقة محلية للشراكات مع المستثمرين الأجانب.

ويوضح أن القانون السوري كان يحدد نسبة التملك للمستثمر الأجنبي بنسبة 49 في المئة، و51 في المئة للشريك المحلي، ولذلك كانت هناك دائرة ضيقة من الشخصيات المرتبطة للنظام هي المحتكرة للشراكات مع المستثمرين الأجانب مثل رامي مخلوف قريب رأس النظام البائد بشار الأسد.

وطبقا لرئيس هيئة الاستثمار السورية طلال الهلالي، فإن القانون الجديد يقدّم ضمانات غير مسبوقة للمستثمرين، من بينها عدم تدخل الحكومة في المشاريع الاستثمارية، ومنح إعفاءات ضريبية كاملة في بعض القطاعات، والسماح باستقدام نسبة من العمالة غير السورية.

واعتبر أن القانون يضع سوريا ضمن مصاف الدول الأكثر تنافسية من حيث التشريعات الاستثمارية، في محاولة واضحة لإعادة إدماج الاقتصاد السوري في محيطه الإقليمي والدولي.