السياسي -متابعات
في إعلان ومفاجئ، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن بلاده ستعترف رسمياً بالدولة الفلسطينية، في سبتمبر (أيلول) المقبل، لتكون أول دولة من أعضاء مجلس الأمن الدولي، ومجموعة السبع تُقدم على هذه الخطوة.
ويأتي الإعلان في وقت يشهد فيه قطاع غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث تجاوز عدد الضحايا منذ مايو (أيار) الماضي، أكثر من ألف شخص، قضوا أثناء بحثهم عن الطعام، فيما لقي عشرات آخرون حتفهم بسبب الجوع، بحسب مصادر أممية.
تحرك فرنسي منفرد
ووفق شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية، يكشف الإعلان المفاجئ لفرنسا عن أمرين، أولاً أن ماكرون يرى أن هذا هو وقت التحرك. حيث من المقرر أن يجتمع قادة فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا الجمعة، سعياً لاتخاذ إجراءات عاجلة بشأن التدهور الجديد للأزمة الإنسانية في غزة.
فقد أعادت صور سكان غزة الجائعين، بما في ذلك الأطفال، إلى الأذهان أحلك زوايا القرن الـ 20، مما أثار الاشمئزاز الغربي، إن لم يكن التحرك الملموس بعد تجاه الأزمة الإنسانية.
والأمر الثاني أن قرار ماكرون الجريء، جاء بعد خطوات مماثلة من الحلفاء الأوروبيين: إيرلندا والنرويج وإسبانيا، لكنه يمهد الطريق أمام القوى الدولية الكبرى لاتباع نفس النهج.
وقال مسؤول رفيع في قصر الإليزيه لشبكة “سي إن إن”: إن “فرنسا لن تكون وحدها في سبتمبر (أيلول) المقبل”، مشيراً إلى وجود تواصل مع دول أخرى قد تحذو حذو باريس.
ومن المرجح أن تتجه الأنظار الآن نحو المملكة المتحدة، وربما ألمانيا، فيما يبدو احتمال مشاركة الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل، حتى بدون رئاسة ترامب، مستحيلاً.
France recognizing a Palestinian state is a bold move by Macron, with a hint of desperationhttps://t.co/hXvBMNyBVF
— MSN (@MSN) July 25, 2025
مأساة إنسانية مستمرة
وعلى أرض الواقع، لا يُتوقع أن يغيّر الاعتراف الفرنسي كثيراً من الوضع الإنساني المتدهور في غزة.
فحسب “سي إن إن”، حتى لو كان الاعتراف الدولي قادراً على إحداث تغيير ملموس في غزة، فإن الموعد النهائي المحدد في سبتمبر (أيلول) المقبل، سوف يأتي متأخراً للغاية بالنسبة للفلسطينيين، الذين يموتون من الجوع تحت الحصار الغذائي الإسرائيلي.
ووصف رئيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، سكان القطاع بأنهم “جثث تمشي”، مشيراً إلى أن 2.1 مليون فلسطيني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، من بينهم 900 ألف طفل لا يحصلون على الحد الأدنى من التغذية، و70 ألف تظهر عليهم علامات سوء التغذية الحاد.
ومن خلال اتخاذ هذه الخطوة الجريئة، والاعتراف بدولة فلسطينية قبل نظرائها في فرنسا، فإن قصر الإليزيه يأمل بالتأكيد في أن يكون للاعتراف تأثير الدومينو في مختلف أنحاء الغرب.
ومع أن المساعدات لا تزال بعيدة كل البعد عن متناول سكان غزة العاديين، فربما يكون هذا بمثابة محاولة أخيرة لتخفيف بعض المعاناة.
موقف فرنسي يتجدد
ويأتي التحرك الفرنسي الأخير، بعد أن كثّفت باريس من انتقاداتها للحرب الإسرائيلية على غزة، وأوقفت تصدير الأسلحة إلى تل أبيب، كما قادت جهوداً لإدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع.
وقالت الشبكة إن “الإعلان المنفرد الذي أصدرته فرنسا، يشير إلى لمحة من اليأس من جانب ماكرون.. إنه رجل يحب التحالف على الساحة العالمية، فالقوة عادة ما تكون استراتيجية رابحة”.
وأضافت: “من الممكن أن يحقق ماكرون انتصاره في سبتمبر (أيلول) المقبل، إذا انضم الحلفاء إلى اعتراف فرنسا، ولكن هذا لن يكون من دون المخاطرة برأس المال الدبلوماسي الفرنسي، وإقناع الشركاء الأكثر تردداً”.
ورغم أن الاعتراف لن يُحدّد حدود الدولة الفلسطينية، إلا أنه يُعدّ بمثابة “كسر للسقف الزجاجي” في السياسة الأوروبية، وقد يشكّل نقطة تحوّل في الموقف الدولي من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.