بهذا العبارة “لن نرحل”، استهل الرئيس محمود عباس كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الدورة 79 وسط تصفيق الدول المشاركة. وبدا أن الرئيس مصمم بقوة على تكرار هذه العبارة في أكثر من موقع من خطابه، وكأنما هو في تصميمه على عدم الرحيل، يشير إلى حقيقة وخطورة المشروع الصهيوني الإمبريالي في ظل الحكومة الفاشية الحالية، والذي يهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع.
بالتأكيد لم تكن هذه العبارة عبثية، بل إنها انطوت على إرادة حقيقية في نيل الحرية والاستقلال. ولهذا دعا الرئيس إلى الاعتراف بدولة فلسطين وتطبيق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الدعوة إلى انسحاب إسرائيل من أرض دولة فلسطين المحتلة خلال عام من تاريخ صدور القرار. واستند الرئيس في دعواه هذه إلى الفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية المفضية إلى اعتبار إسرائيل دولة احتلال وأبرتهايد مع وجوب مساءلتها قانونيا على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني بما فيها جريمة الابادة الجماعية.
ليس هذا فقط، وإنما بدعوته المنظمة الدولية تجميد عضوية اسرائيل في هذه المنظمة التي دعا ممثل إسرائيل فيها إلى ضرورة هدمها باعتبارها بيئة معادية للسامية!
هذه القوة في خطاب الرئيس ليست وليدة الصدفة، بل إن اللقاءات المكوكية داخل أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي جمعت بينه وبين عشرات القادة من مختلف دول العالم، أفرزت نفسا قويا في خطاب الرئيس، وهو الذي تم ترجمته بشكل واضح في إعلان المملكة العربية السعودية من داخل قبة الأمم المتحدة، إنشاء تحالف دولي لإقامة الدولة الفلسطينية رغما عن إرادة اسرائيل التي تعطل المفاوضات وتعلن علانية رفضها إقامة الدولة الفلسطينية.
للأسف، فإن الشارع الفلسطيني كله يغلي وهو يراقب تغول الاحتلال في الضفة الغربية وإنشاء المستوطنات وقطع الطرق والاعتداء على المدنيين، كما يراقب أيضا آثار الإبادة الجماعية المستمرة إلى الآن ضد شعبنا العظيم في القطاع.
ولم تكتف إسرائيل بجرائمها هذه، وإنما انتقلت إلى مرحلة العدوان على لبنان والتهديد باجتياحه. وفي النتيجة، لا أحد يردع إسرائيل، بل إن الولايات المتحدة تدعم هذه الدولة المارقة عسكريا وماديا وسياسيا.
وفي إطار هذا التغول الصهيوني، انتشرت حالة من الإحباط الكبير في الشارع الفلسطيني، الإحباط من وجود الأمل بتحقيق العدالة وإزالة الظلم والاحتلال. وجاءت كلمة الرئيس قائد الشعب الفلسطيني ورئيس دولته التي تسعى للانعتاق من الاحتلال لترفع من معنويات الشعب الفلسطيني وتدفعه باتجاه مزيد من الصمود والمقاومة حتى نيل الحرية. لقد استشعرنا جميعا الأمل والإرادة والقوة في خطاب الرئيس. إنه القائد الذي يقود الشعب الفلسطيني نحو الحرية، ويمده بالأمل والصمود والعزيمة على تحقيق النصر.
في الواقع، كلنا يا أبو مازن مصممون مثلك على عدم الرحيل، مصممون على البقاء والصمود ومقاومة المشروع الصهيوني، مصممون على نيل الحرية والاستقلال، استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس. لم ولن نتخلى عن هذه الإرادة الوطنية. إنها الإرادة التي تجمعنا جميعا تحت إطار منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.