صحيفة أمريكية: التغيير جار في الشرق الأوسط لكن بدون “إسرائيل”

قالت نيويورك تايمز الأمريكية إن التغيير جار في الشرق الأوسط لكن بدون “إسرائيل” في وقت اسقط هجوم طوفان الأقصى الذي نفذته المقاومة الفلسطينية قبل عام مشاريع التطبيع الإقليمية.

وأبرزت الصحيفة أنه قبل عام، كانت السعودية تستعد للاعتراف بإسرائيل في صفقة تطبيع كانت ستعيد تشكيل الشرق الأوسط بشكل جذري بينما لا تحرك ساكنا من أجل تعزيز إقامة الدولة الفلسطينية.

وذكرت أنه “الآن أصبحت هذه الصفقة أبعد من أي وقت مضى ويتم إعادة الحسابات الإقليمية” على ضوء ما يجرى في غزة من حرب إبادة إسرائيلية وتصعيد كبير في لبنان.

بحسب نيويورك تايمز تعمل السعودية الآن على تدفئة علاقاتها مع عدوها اللدود التقليدي، إيران، بينما تصر على أن أي اتفاق دبلوماسي يعتمد الآن على قبول “إسرائيل” لدولة فلسطينية، وهو تحول ملحوظ للمملكة.

والانفراج الدبلوماسي جار في الشرق الأوسط، ولكن ليس ذلك الذي تصوره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يواصل القول إن إدارته قادرة على التوصل إلى اتفاق مع الرياض.

لقد التقى وزراء خارجية دول الخليج لأول مرة هذا الشهر كمجموعة مع نظرائهم الإيرانيين. إن هذا التقارب المتذبذب في مرحلة مبكرة سيؤدي إلى تقليص تدريجي لقرون من العداوات الطائفية، ويمثل تحولاً حاداً في منطقة حيث أدى التنافس بين الرياض وطهران إلى إغراقها في إراقة الدماء لعقود من الزمن.

وجهود طهران تواصلت بعد ذلك، حيث زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي المملكة قبل أن يتوجه إلى دول أخرى في المنطقة، بما في ذلك العراق وعمان، في محاولة لتخفيف التوترات، كما زار الأردن قبل السفر إلى مصر وتركيا، وكانت الزيارة إلى القاهرة هي الأولى لوزير خارجية إيراني منذ 12 عامًا، وفقًا لوسائل الإعلام الإيرانية.

وقال عراقجي يوم الجمعة لدى وصوله إلى اسطنبول: “لدينا الآن شكوى مشتركة في المنطقة، بشأن خطر انتشار الحرب، والحروب في غزة ولبنان والنازحين”.

وفي الوقت الذي يواصل فيه نتنياهو رفض إنشاء دولة فلسطينية، لجأ المسؤولون السعوديون إلى الصحف والخطابات العامة لوضع حل الدولتين على طاولة المفاوضات.

وقالت المملكة إن هذه هي الطريقة الوحيدة في هذه المرحلة لإسرائيل لكسب ود المملكة التي يُنظَر إليها إلى حد كبير على أنها زعيمة العالم العربي.

لقد بدأت الصور تتدفق من غزة لأطفال مدفونين أحياء تحت الأنقاض، وأمهات حزينات على أطفالهن الضحايا وفلسطينيين يتضورون جوعاً لأن “إسرائيل” منعت المساعدات من دخول المنطقة – كل هذا جعل من المستحيل على القيادة السعودية تجاهل قضية الدولة الفلسطينية.

يقول علي الشهابي رجل الأعمال السعودي المقرب من العائلة المالكة “إن ما فعلته غزة هو إعاقة أي اندماج إسرائيلي في المنطقة” ويضيف “ترى السعودية أن أي ارتباط بإسرائيل أصبح أكثر سمية منذ غزة، ما لم يغير الإسرائيليون مواقفهم ويظهروا التزامًا حقيقيًا بالدولة الفلسطينية، وهو ما رفضوه”.

تظل السعودية وشركاؤها في الخليج حاليًا متشككين في صدق المبادرات الدبلوماسية الإيرانية.

لكن “ما دام الإيرانيون يمدون يد المساعدة إلى الرياض، فإن القيادة السعودية ستأخذها”، كما قال السيد الشهابي، مضيفًا أنه إذا كانت إيران جادة، “فإن هذا سيكون إعادة تنظيم حقيقية للشرق الأوسط”.

لقد تنافست السعودية وإيران منذ فترة طويلة على الهيمنة الإقليمية، وهي منافسة يشكلها فرعا الإسلام المتنافسين في كل دولة.

وبينما يعترف المطلعون على شؤون القصر مثل الشهابي بأن السعودية ليست دولة ديمقراطية، فإن الأمير محمد بن سلمان حساس للرأي العام، الذي أصبح أكثر تشددا تجاه دولة الاحتلال على مدى العام الماضي.

وتتمتع منطقة الخليج بواحد من أصغر سكان العالم سنا؛ حيث بلغ متوسط ​​أعمار السعوديين 29 عاما في عام 2022، والعديد من مواطنيها مذهولون بالسيل اللامتناهي من الصور المروعة القادمة من غزة على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يغير العديد من مواقفهم الإيجابية، أو المتناقضة على الأقل، تجاه الاتفاق مع دولة الاحتلال.

كانت السعودية في الأشهر التي سبقت السابع من أكتوبر/تشرين الأول، تخطط لاتفاقية مع “إسرائيل” من شأنها أن تمنح الرياض اتفاقية دفاع موسعة مع الولايات المتحدة ودعم برنامج نووي مدني في مقابل تطبيع العلاقات.

وبالرغم من ان بعض دول الخليج الأخرى أقامت علاقات دبلوماسية مع “إسرائيل” عام 2020 في صفقة تُعرف باسم اتفاقيات إبراهيم، فإنها لم تفلح باستخدام نفوذها لدفع دولة الاحتلال إلى إنشاء دولة فلسطينية والاعتراف بها.

والرياض كانت ومنذ فترة طويلة مؤيدة قوية لحل الدولتين، وأصبح هذا الهدف أقل أولوية في السياسة الخارجية في السنوات الأخيرة، حيث عزز ولي العهد سلطته وشكل السياسات الإقليمية والداخلية للبلاد.

ولم يتم طرح الدولة الفلسطينية كشرط في محادثات العام الماضي لتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، بل طالبت الرياض دولة الاحتلال بالسماح للسلطة الفلسطينية – التي تحكم الضفة الغربية – بتوسيع سيطرتها الإقليمية وقوتها، وفقًا للسيد الشهابي والدبلوماسيين العرب المطلعين على المحادثات.

لكن الوضع في غزة قلب هذا التناقض رأسًا على عقب، وكان ولي العهد السعودي واضحا بشأن مطالب الرياض الجديدة في أول تعليقاته العامة التي دعا فيها إلى إقامة دولة فلسطينية.

وقال محمد بن سلمان في 18 سبتمبر/أيلول أمام مجلس الشورى إن “المملكة لن تتوقف عن جهودها الدؤوبة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ونؤكد أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع (إسرائيل) دون ذلك”.

لقد تعرضت اتفاقيات إبراهيم للتطبيع لانتقادات واسعة بسبب عدم تحقيق السلام في المنطقة الذي وعد به الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي توسطت إدارته في الاتفاق.

ولم تخض أي من الدول العربية التي وقعت على الاتفاق حربًا مع “إسرائيل” منذ عقود.

وجاء الاجتماع التاريخي بين إيران ودول الخليج هذا الشهر بعد يوم من إطلاق طهران 180 صاروخًا باليستيًا على دولة الاحتلال انتقامًا لاغتيال حسن نصر الله، زعيم حزب الله، الشهر الماضي، ورئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، في وقت سابق من هذا العام.

ويتساءل المراقبون عما إذا كانت إيران الآن أكثر حرصًا على إذابة الجليد في العلاقات مع الخليج بسبب الحروب الإسرائيلية في غزة ولبنان.

كما أجبرت الحرب في غزة الدول التي وقعت على اتفاقيات إبراهيم على البدء في الدعوة إلى إقامة دولة فلسطينية، ربما لأنها تشعر بالقلق إزاء الرأي العام في الداخل.

وفي الوقت الذي حافظت الإمارات، على روابطها بإسرائيل على مدار العام الماضي، إلا أن العلاقة تعرضت لضغوط متزايدة.

وقال وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد الشهر الماضي، في إشارة إلى مطالب (إسرائيل) بأن تتحمل الإمارات عبء إعادة بناء غزة بعد انتهاء الحرب: “إن الإمارات ليست مستعدة لدعم اليوم التالي للحرب في غزة دون إقامة دولة فلسطينية”.

وبينما يواصل نتنياهو الادعاء بأن صفقة ضخمة قيد الإعداد مع الرياض، رد المسؤولون السعوديون على تلك الادعاءات، مسلطين الضوء على الانقسام المتزايد بين بلديهما.

وقال الشهابي: “كانت اتفاقيات إبراهيم تجميلية؛ لم يكن هناك شيء جوهري فيها عندما يتعلق الأمر باتفاقية سلام إقليمية حقيقية ودائمة. وقد فعلت العديد من الدول التي وقعت عليها ذلك لأنها ترى (إسرائيل) كمسار للتأثير في واشنطن”.

وأضاف “لكننا نرى الآن أن الولايات المتحدة ليس لديها أي سلطة أو نفوذ على إسرائيل – إلى درجة مهينة”، وأن الإسرائيليين ليس لديهم أي نية لإنشاء دولة فلسطينية.

وكالة سند