السياسي – قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية إن جنود الجيش الإسرائيلي يجدون أنفسهم عالقون في “مستنقع” غزة ويواجهون تهديدا بحرب طويلة الأمد في ظل فشل الأهداف الإسرائيلية المعلنة لحرب الإبادة المستمرة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.
ودللت الصحيفة بالمقاومة الشديدة التي تشهدها كل منطقة يعيد الجيش الإسرائيلي التوغل فيها، وبإعلان سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أنها أطلقت قذائف صاروخية على جنوب “إسرائيل”، وكان عبارة عن 20 قذيفة جاءت من منطقة خان يونس التي نفذ فيها الجيش الإسرائيلي عملية استمرت عدة أشهر انتهت في أوائل نيسان/أبريل.
وذكرت الصحيفة أن هذا التطور يعزز التحدي الذي تواجهه “إسرائيل” في سعيها لمواصلة حملة القضاء على المقاومة الفلسطينية التي ما زالوا تحتفظ بقدرات إطلاق الصواريخ وقذائف الهاون بعد مرور نحو تسعة أشهر على حرب الإبادة الإسرائيلية.
-مقاومة الشجاعية
بحسب الصحيفة فإن توغل الجيش الإسرائيلي في حي الشجاعية في مدينة غزة، والذي بدأ الأسبوع الماضي يوضح أيضاً مدى صعوبة تحقيق هدف الحرب المعلن من قبل الحكومة الإسرائيلية وهو استئصال المقاومة.
وذكرت أن العملية في الشجاعية هي الأحدث في سلسلة من الغارات التي اضطرت فيها القوات الإسرائيلية إلى العودة إلى المنطقة التي انسحبت منها لأن المقاومة أعادت تجميع صفوفها وفرضت السيطرة.
وأشارت إلى نشر كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس شريط فيديو يظهر مقاوميها وهم يطلق قذائف الهاون على القوات الإسرائيلية المتوغلة في المنطقة وينصبون الكمائن والعبوات.
ونبهت الصحيفة إلى أنه بينما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه لن ينهي الحرب دون “النصر الكامل” على المقاومة الفلسطينية، فإن الجيش الإسرائيلي قال علناً الشهر الماضي إن التدمير الكامل للمقاومة هدف لا يمكن تحقيقه.
وعادت قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى عدد من المناطق التي اجتاحتها في وقت سابق في غزة، بما في ذلك جباليا في شمال القطاع، وكذلك مستشفى الشفاء أكبر مستشفيات القطاع.
-الغرق في مستنقع غزة
نقلت الصحيفة عن محللين أمنيين إن “إسرائيل” معرضة لخطر الغرق في صراع طويل الأمد مع حماس والمقاومة الفلسطينية، التي أظهرت قدرة على البقاء مستفيدة من الدعم من السكان في غزة.
“إنه مستنقع. سيكون صراعاً منخفض الحدة لفترة طويلة”، قال جوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية.
وأضاف: “يمكنك استخدام العمليات العسكرية لدفع حماس إلى جيوب مختلفة في غزة، لكنهم في نهاية المطاف يتسللون مرة أخرى عبر نظام الأنفاق أو عبر البر، إنهم يكسبون مجندين جدد كل يوم. فالشباب الذين فقدوا عائلاتهم، سوف يلتحقون”.
كما يأتي القتال في حي الشجاعية، وهو حي كبير في مدينة غزة اجتاحه الجيش الإسرائيلي في وقت سابق من الحرب، في الوقت الذي أشار فيه مسؤولون عسكريون إسرائيليون إلى أنهم يقتربون من إنهاء العمليات القتالية الكبرى في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، التي روجت “إسرائيل” إنها آخر معقل لحماس والمقاومة.
وبعد رفح، من المتوقع أن ينتقل الجيش الإسرائيلي إلى مرحلة جديدة من القتال الأقل حدة تتمثل في غارات استخباراتية وفق ما تروج الآن الحكومة الإسرائيلية.
وقال مسؤول عسكري كبير لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن العملية العسكرية في الشجاعية تهدف إلى منع المقاومة الفلسطينية من إعادة تجميع صفوفها هناك.
-تكتيك حرب العصابات
شهدت الشجاعية قتالاً عنيفاً في وقت سابق من الحرب وكانت موقعاً لواحد من أكثر الحوادث دموية على الجانب الإسرائيلي عندما قُتل تسعة جنود في كانون الأول/ديسمبر في كمين نصبه مقاومون.
وفي 15 من الشهر نفسه، أطلق الجيش الإسرائيلي النار على ثلاثة أسرى إسرائيليين لدى المقاومة وقتلهم عن طريق الخطأ ظناً منه أنهم مسلحون.
يقول محللون عسكريون إن فصائل المقاومة نقلت قواتها المسلحة من مكان إلى آخر، متجنبة في كثير من الأحيان الصدام المباشر مع الجيش الإسرائيلي من أجل البقاء وشن حملة حرب عصابات باستخدام تكتيكات الكر والفر.
وقال العميد أساف أوريون، وهو جنرال إسرائيلي متقاعد، “لا أعتقد أن حماس تبحث عن معركة ضارية واسعة النطاق حيث تكون جميع قواتها في الميدان في انتظار أن نقضي عليهم”.
وأضاف: “إنهم يتنقلون ويتجنبون الاشتباك على نطاق واسع لأنهم يعملون على الحفاظ على القوة”.