وصفت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقرير أعده جوليان بورغر، قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن غزة بأنه الأغرب والأكثر غموضا، وبخاصة أنه يُملي على “مجلس السلام” في غزة الإشراف على قوة تحقيق الاستقرار الدولية التي لم تتضح الدول المستعدة أو الراغبة بالمشاركة فيها.
ذكرت الصحيفة أن “القرار الأممي يهدف إلى تحويل وقف إطلاق النار الهش في غزة إلى خطة سلام حقيقية، ويعد من أغرب القرارات في تاريخ الأمم المتحدة”، مضيفة أنه “يمنح دونالد ترامب السيطرة المطلقة على غزة، وربما يكون توني بلير تابعا له مباشرة في مجلس السلام، الذي سيشرف على قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات، ولجنة من التكنوقراط الفلسطينيين، وقوة شرطة محلية لمدة عامين”.
وأشار التقرير إلى أنه “لا أحد يعلم من سيشارك في مجلس السلام، فهو فقط كما أعلن ترامب على وسائل التواصل الاجتماع، سيترأسه الرئيس الأمريكي وسيضم أقوى القادة وأكثرهم احتراما في جميع أنحاء العالم”، منوها إلى أن المجلس سيرفع تقاريره إلى مجلس الأمن، لكنه لن يكون تابعا للأمم المتحدة أو خاضعها لقراراتها السابقة.
وتابع: “سيشرف على قوة تحقيق الاستقرار الدولية، التي لم يحدد بعد عدد أعضائها وترغب الولايات المتحدة بنشرها بحلول كانون الثاني/ يناير. وعبّرت الدول التي تواصلت معها الولايات المتحدة، بما فيها مصر وإندونيسيا وتركيا والإمارات العربية المتحدة، عن تردد حتى الآن”.
ولفت إلى أن القرار ينص على أن قوة الاستقرار الدولية ستضمن “عملية نزع السلاح” في غزة، ما يشير إلى أنها ستضطر إلى سحب الأسلحة من “حماس”، التي أصرت فورا بعد تصويت الأمم المتحدة على أنها لن تنزع سلاحها.
علّق كاتب التقرير قائلا: “لا توجد شهية بين الدول التي ستشارك في القوة الدولية لمواجهة مقاتلي الحركة المتمرّسين. وفي هذه الأثناء، يفترض أن تتولى قوات الأمن الإسرائيلية مسؤولية الأمن في الأراضي التي تحتلها القوات الإسرائيلية حاليًا، لكن هذا أيضًا قد يكون بمثابة وصفة للاشتباكات، خاصة إذا تردد الإسرائيليون في المغادرة”.
وتابع: “لا يوجد وضوح أكبر بشأن لجنة التكنوقراط الفلسطينية التي ستكلف بإدارة شؤون قطاع غزة اليومية، بتوجيه من ترامب ورفاقه من القادة. وسيكون من الصعب، على أقل تقدير، العثور على أي من هؤلاء التكنوقراط، المستعدين للعمل مع ترامب، والذين قد يكون لهم أي نفوذ على 2.2 مليون فلسطيني على قيد الحياة في غزة. وينطبق الأمر نفسه على قوة الشرطة المزعومة”.
وأكدت الغارديان على أنه “رغم الضبابية الخانقة، فقد منح قرار مجلس الأمن رقم 2803 كل هذه الهيئات الطموحة قوة القانون الدولي، في محاولة لتحويل اقتراح ترامب للسلام المكون من 20 نقطة إلى خطة وتعزيز وقف إطلاق النار الهش الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، الشهر الماضي، إلى سلام دائم”.
وأوضحت أن “إقرار القرار بأغلبية 13 صوتا مقابل لا شيء، مع امتناع روسيا والصين عن التصويت، دليل على ضبابيته المقصودة، فضلًا عن الإرهاق واليأس العالمي من الحرب في غزة المستمرة منذ أكثر من عامين. وهي الحرب التي خلفت أكثر من 70,000 قتيل ودمرت نحو 70% من مباني القطاع الساحلي، فيما توصلت لجنة في الأمم المتحدة إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في غزة”.
وأشارت إلى أنه “بعد التصويت، وصف المبعوث الأمريكي لدى المنظمة الدولية، مايك والتز، القرار بأنه محور ومسار جديد في الشرق الأوسط، للإسرائيليين والفلسطينيين وجميع شعوب المنطقة على حد سواء. وعندما جاء دور أعضاء المجلس الآخرين للتحدث، كانوا أكثر حذرًا، حيث صاغوا دعمهم أو موافقتهم بناءً على ما قد يترتب على القرار، بدلًا مما ورد في نصه”.
وبيّنت أنّ “هذا كان واضحا بشكل خاص فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية. وبناءً على إصرار الدول العربية والإسلامية، عُدِّل القرار في الأيام الأخيرة ليشمل ذكر دولة فلسطين المستقبلية، على الأقل. إلا أنه لم يفعل ذلك بالإشارة إلى الحق الأساسي للفلسطينيين في تقرير المصير والالتزام الدولي بحل الدولتين، بل بلغة واسعة ومشروطة وغير مقنعة. وإذا ما أصلحت السلطة الفلسطينية نفسها بشكل مرضٍ وتقدمت إعادة إعمار غزة، فقد نص القرار على أن الظروف قد تكون مهيأة لمسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة”.
واستدركت الصحيفة بقولها: “رغم أن هذا يبدو مجرد كلام، إلا أن الدبلوماسيين الأوروبيين رأوا انتصارًا في إقناع مبعوث إدارة ترامب بنطق عبارة “تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة” بصوت عالٍ، مهما كانت المحاذير”، مشيرة إلى ما كتبه المفاوض الأمريكي السابق وخبير شؤون الشرق الأوسط، آرون ديفيد ميلر، بأن القرار خطوة نحو فلسطين المستقبلية.
وأضافت الصحيفة أن “صياغة القرار 2803 كانت غير مقبولة لليمين المتطرف في ائتلاف بنيامين نتنياهو، الذي رد بغضب، ما أجبر رئيس الوزراء على إعادة تأكيد اعتراضاته اللاذعة على أي اقتراح بالسيادة الفلسطينية.





