في شهادته التي هزت الضمير الإنساني، كشف الأسير المحرر أيمن الشرباتي عن تفاصيل مروعة لما تعرض له القائد الوطني مروان البرغوثي من اعتداء وحشي نفذه ثمانية من عناصر شرطة الاحتلال، حتى فقد وعيه تحت الضرب، في مشهد يجسد وحشية الاحتلال واستهدافه لرموز الحركة الوطنية الفلسطينية داخل السجون.
لم يكن ما رواه الشرباتي حادثة عابرة، بل جريمة متعمدة تهدف إلى إذلال الحركة الأسيرة بأكملها، وكسر إرادة الصمود التي يمثلها مروان البرغوثي منذ أكثر من عقدين من الاعتقال. فالاحتلال لا يهاجم جسده فقط، بل يهاجم المعنى الذي يحمله، والمعنويات التي يغذي بها آلاف الأسرى في زنازينهم المعتمة.
مروان البرغوثي ليس مجرد رقم في السجون الإسرائيلية، بل هو رمز لوحدة الفلسطينيين، وصوت للكرامة، وصورة مكثفة للوطن حين يجلد ولا يصرخ. لذلك، فإن تعذيبه هو رسالة سياسية خبيثة تستهدف كسر رمزية النضال الفلسطيني، وإرسال تحذير لكل من يفكر في رفع رأسه أمام الاحتلال أو التمسك بخيار المقاومة والوحدة.
إن مشهد مروان وهو يسحب فاقد الوعي ليس سوى امتدادٍ لمشهد فلسطين التي تضرب كل يوم، وتجاهد كي تبقى واقفة. ولكن كما صمدت غزة تحت النار، وصمدت الضفة امام الإقتحامات وصمدت القدس أمام الاعتداءات، سيصمد مروان وكل الأسرى حتى تشرق شمس الحرية.
ما جرى يستدعي من كل القوى الحية والمنظمات الإنسانية تحركا عاجلا لفتح ملف التعذيب في السجون الإسرائيلية أمام المؤسسات الدولية، وكشف الجرائم الممنهجة التي ترتكب بحق الأسرى. لم يعد الصمت خيارا، ولم يعد الانتظار ممكنا، فدماء الأسرى وكرامتهم هي امتحان حقيقي لكل من يدعي الدفاع عن الحرية والعدالة.
صرخة مروان هي صرخة فلسطين، ودمعته هي دمعة كل أم تنتظر، وكل أسيرٍ يجلد في العتمة، وكل شعبٍ يرفض الركوع. ومهما حاول الاحتلال أن يطفئ وهج الحرية، فإن جذوتها ستبقى مشتعلة ما دام فينا نبض واحد يقول: لن ننكسر.