شهدت المنظومة السينمائية في قطر تحولاً كبيراً خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، بفضل المبادرات المتواصلة التي تطلقها مؤسسة الدوحة للأفلام على مدار العام، والتكامل البنّاء داخل المجتمع الإبداعي في قطر، وفق ما أكده صُنّاع الأفلام المشاركون في برنامج “صُنع في قطر” في مهرجان الدوحة السينمائي. وقد أشار صناع الأفلام القطريون والمقيمون في قطر إلى أنّ المؤسّسة أتاحت فرصاً غير مسبوقة لهم لتطوير مهاراتهم والوصول إلى جمهور عالمي.
جاء كلام صنّاع الأفلام القطريين والمقيمين في قطر خلال مشاركتهم في إيجاز صحفي أقيم ضمن فعاليات مهرجان الدوحة السينمائي 2025 للحديث عن أعمالهم التي تعرض في هذه الدورة.
فاطمة الغانم، مخرجة فيلم “مسرح الأحلام” لذي يحتفي بفريق كرة القدم النسائية في قطر، قالت بأنّ أثر منظومة الدعم الشاملة للمؤسسة واضح في مسيرة صنّاع الأفلام الصاعدين في قطر. وأضافت: “إنّه وقت مثير لصناعة الأفلام في قطر. لقد أصبح النظام البيئي أقوى مع تطور المهرجان إلى مهرجان الدوحة السينمائي ونمو المنظومة بأكملها بدءاً من برامج التطوير مثل ورشة الأفلام الوثائقية وصولاً إلى الدعم في مرحلة ما بعد الإنتاج.”
وفي تأكيد لروح التعاون، تحدثت الغانم عن كيفية تكامل الجهات المختلفة اليوم: “كان شعار مؤسسة الدوحة للأفلام على فيلمي، وقدم “فيلم هاوس” دعماً كبيراً، إلى جانب استوديوهات كتارا. مجتمع صناعة الأفلام في قطر اليوم أقوى مما رأيت في أي وقت مضى، وأنا متفائلة بالمستقبل”.
وتحدث المخرج القطري مهدي علي علي، الذي تحدث عن أول مهرجان للأفلام المستقلة أقيم في قطر في عام 2000، وقال: “ذلك الحدث في فندق شيراتون الدوحة أحدث فرقاً، فقد وضع قطر على خريطة السينما العالمية. واليوم لدينا مهرجان جديد هو مهرجان الدوحة السينمائي، وسيحدث تغييراً كبيراً آخر في المنطقة”. وعن فيلمه “جريد النخل” قال: “تذكرت جدّاتي، وكيف كان معظم الناس هنا يعملون في الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، وشعرت كيف كنّ يرون البحر. وعندما كنت في فرنسا، التقيت بكاتب سيناريو وناقشنا فكرة الفيلم حول المهاجرين من المغرب وأماكن أخرى. حاولت أن أمزج بين ما شاهدته وبين ذاكرتنا الجمعية وما يحدث حول العالم”.
بدوره قال محمد السّويدي، الذي يعمل مع المؤسّسة منذ أكثر من عشر سنوات كفنان تحريك للرّسوم ومحاضر: “شهدت كيف تطور هذا المحيط وكيف نضج المجتمع. لدينا أسباب تدعو للتفاؤل”. شارك السويدي في إخراج فيلم “العقيق: الزخم الافتراضي” مع كمام المعاضيد التي قالت: “كانت هذه أول تجربة لي ككاتبة سيناريو وكجزء من فريق الإخراج. وفي أول عرض، عندما رأيت الطلاب يصفقون وشعرت بأنّ الفيلم لامسهم… كانت تلك التجربة برمتها كل شيء بالنسبة لي”.
وتحدث فهد النهدي عن فيلمه “مشروع عائشة”، مشيراً إلى أنّه عمل في السينما منذ عشر سنوات عبر المؤسسة، من خلال المهرجانات والفعاليات المجتمعية. وأضاف مشيراً إلى تطور المشهد السينمائي في قطر: “شهدت الشغف الكبير والدعم المستمر لصنّاع الأفلام. لقد كان النمو مؤثراً بفضل زيادة الموارد والتمويل والتشجيع والفرص”.
كريم عمارة، الذي شارك كعضو في لجنة تحكيم مهرجان أجيال السينمائي منذ عام 2015، يشارك في هذا العام بفيلمه “أبي يذوب”. وقال عمارة: “رؤية هذا التطور بين 2015 و2025 أمر مذهل. شاركت في هذه الفئة ثلاث مرات، ويمكنني رؤية الأفلام تزداد جودة عاماً بعد عام”. ويتناول فيلمه “أبي يذوب” قصة ابن يتصل لمواجهة والده، الذي ينتظره في السيارة للذهاب إلى صلاة الجمعة، حول سرّ يخفيه.
إيمان ميرغني، مخرجة الفيلم الوثائقي الشخصي “فيلا 187” الذي يستكشف ذكريات العائلة وتجارب النزوح أكدت على هذا الأمر: “من الرائع رؤية تطور مؤسسة الدوحة للأفلام، وأنّ النسخة الأولى من مهرجان الدوحة السينمائي أطلقت مزيداً من الحوارات والفعاليات مثل ملتقى صناع الأفلام. لكن صنّاع الأفلام أنفسهم، محليين ومقيمين، تطوروا أيضاً بالتوازي مع المؤسسة. هناك الكثير مما يُقدّم لنا من ورش وبرامج مثل قمرة لدعم مسيرتنا”.
وشدّد جاستن كريمر، الذي واكب تطور صناعة السينما المحلية منذ تأسيس مؤسسة الدوحة للأفلام، على أهمية النهج الذي شكّل جوهر بناء الصناعة السينمائية في قطر والقائم على الاهتمام بالشباب والناشئين. وقال: “كانت مهمة شركتي تركز على دعم الأفلام التجارية، لكنني أردت إعادة استثمار ذلك في صُنّاع الأفلام المحليين. أنا مؤمن بهذه الرسالة لأن نمو الصناعة يبدأ من الأجيال الصغيرة”. وأوضح أنّ فيلمه “فهد الغاضب” الذي تدور أحداثه في قطر المعاصرة ويتابع فهد وعائلته المحافظة، يتناول موضوعاً سيجد صداه لدى جميع المشاهدين.
أما ماريا جوزيف، مخرجة فيلم “هل هذه علامة!” الذي يتناول الفوضى المصاحبة للأعراس الحديثة بروح كوميدية، فقالت: “استلهمت الفيلم من صديقتي المقربة التي كانت تستعد للزواج ومن شقيقتي الكبرى التي كانت تواجه ضغوطاً عائلية. قررت صنع فيلم قصير بطاقم تمثيل من جنوب الهند، وكان العثور على الممثلين تحدياً كبيراً، حيث وجدت بعضهم في ممرات السوبرماركت. كان طاقمي بالكامل من الأصدقاء، وقد كانوا مذهلين”.
كما يتضمن البرنامج عرض فيلمي “قضاء وقدر” لمريم المحمود، و “يوم الجمعة” لهيا الكواري.






