موجات التزييف العميق عبر الذكاء الاصطناعى كانت تبث مخاوف عبر الأعوام الفائتة، أما اليوم فقد دار بها الزمان دورة كاملة تعادل فى رأيى ٥٠ عامًا، تقنيات هائلة صارت غولًا يهدد العالم لأنها فى متناول أى مستخدم على الإنترنت!.
فى بنسلفانيا الأمريكية لم يستطع المدعى العام توجيه اتهامات لضابط شرطة وجد معه ملفات لصور جنسية مصنوعة بالذكاء الاصطناعى لقاصرين، فى حين لم تكن هناك مشكلة من توجيه اتهامات أخرى فى نفس القضية لالتقاط صور من غرفة تغيير ملابس نسائية وتصوير أشخاص سرًا وهو فى الخدمة.
فى ظل غياب النص القانونى لمحاكمة هذه الجرائم الجديدة سنّت الولاية قانونًا جديدًا تمكن من خلاله نفس المدعى العام بتوجيه اتهامات لرجل وجدت الشرطة على حاسوبه ٢٩ ملفًا لمواد اعتداء جنسى على الأطفال منشأة عبر الذكاء الاصطناعى!.
فى العامين الماضيين ازداد قلق المشرعين فى دول العالم المتقدمة فى ظل الثورة التى أحدثتها موجة الذكاء الاصطناعى التوليدى الأخيرة منذ نهاية العام ٢٠٢٢، مما أدى إلى أنماط جديدة من الجريمة لا تستوعبها التشريعات القائمة.
التزييف العميق الخبيث وصل إلى المدارس فى أمريكا وانتشر استخدامه، ونال من المشاهير والسياسيين.
وفى عام ٢٠٢٥ وحده صنع المشرعون عبر الولايات المتحدة ٢٦ قانونًا لهذا النوع من الجرائم الإلكترونية أضيفت إلى نصوص أخرى فى العامين الماضيين «٨٠ فى ٢٠٢٤، و١٥ فى عام ٢٠٢٣» لملاحقة هذا التطور النوعى فى التزييف الخبيث المهدد للمجتمع!.
التشدد القانونى لحماية المجتمع من هذه الجرائم وصل إلى أن ولاية تينيسى أوصلت عقوبة السجن إلى ١٥ عامًا عند مشاركة أى شخص للصور الجنسية المزيفة بجانب غرامة ١٠ آلاف دولار، كما سنّت ولاية أيوا قانونين يتعلقان بالتزييف الجنسى العميق الصريح، منها عقوبة السجن لمن يصنع صورا جنسية لأطفال عبر الذكاء الاصطناعى.
ولأن كبح جماح التزييف العميق أصبح أولوية فيدرالية فى أمريكا، أقر الكونجرس قانون «تيك إت داون» لفرض عقوبات أكثر صرامة.
ودخل التزييف العميق سجالات الحزبين الكبيرين، ويحاول الجمهوريون حاليا تقييده فى الولايات لعدة سنوات، ومنح الحكومة الفيدرالية لوحدها السلطة لتخفيف الضغط على شركات الذكاء الاصطناعى حلفاء ترامب حاليًا.
هذه الموجة التكنولوجية الجديدة لابد أن تستوعبها سريعًا منظومتنا التشريعية لأن هناك وحشًا هائلًا يتخفى حاليًا بين أزرار الكيبورد وشاشات الإنترنت، وإذا لم يحاصر سيخرج لينهش المجتمع ويهدد استقراره وأمنه.
يبقى التحدى هو وعى الجمهور المتلقى وثقافته كى يميز ما يراه، رغم أن التجربة أثبتت أن الصور والفيديوهات المزيفة قابليتها للتصديق أعلى، لهذا قد يشارك البعض دون وعى فى هذه الجرائم.
ما ينتظرنا أخطر بكثير مما تصورت الإنسانية، ولعلنا نحتاج للتدقيق فى كل ما نرى ونتلقى حتى لا نقع فى أفخاخ الكذب والخداع والبهتان!.
نقلا عن المصري اليوم