السياسي – قالت صحيفة بوليتيكو إن البرلمان الأوروبي، حمل خلال جلسة خصصت للتداعيات الإنسانية في غزة، دولة الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية منع دخول المساعدات إلى قطاع غزة وارتكابها “استخدامًا غير متناسب للقوة”، وسط مطالب متزايدة من النواب بفرض عقوبات فورية عليها.
وبحسب الصحيفة صرحت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، بأن لإسرائيل “الحق بالدفاع عن نفسها، لكن ما نراه يتجاوز الدفاع”، محذرة من أن “منع الغذاء والدواء عن الفلسطينيين المحاصرين لا يحمي إسرائيل، وأن تجاوز مساعدات الأمم المتحدة لا يساعد السكان”، مشيرة إلى أن هذه الانتهاكات تطعن “عقودًا من المبادئ الإنسانية”
وأوضحت كالاس أن الاتحاد الأوروبي بصدد مراجعة اتفاقية الشراكة والارتباط مع (إسرائيل)، بناءً على طلب غالبية دول الأعضاء، مشيرة إلى أن التقييم سيُقدَّم الأسبوع المقبل. وأضافت: “مع استمرار الحرب، تتراجع الإنسانية أكثر فأكثر. كفى!” .
-موجة انتقادات داخل البرلمان
شهِدت الجلسة سجالاً حادًّا من النواب، الذين ندّد بعضهم بعدم استخدام مصطلح “إبادة جماعية”.
وقالت مانون أوبري، رئيسة حزب اليسار مخاطبة كلاس: “أنتِ ترفضين عمدًا استخدام هذا المصطلح… علينا أن نتحرك، نحمي، نعاقب، ونتخلص من تواطؤك… لأنكِ متواطئة.” .
وطالب عدد من المشرعين، بمن فيهم أعضاء من اليسار والخضر، كالاس ببدء إجراءات فورية لفرض عقوبات اقتصادية وتجارية ضد إسرائيل، معتبرين أن مراجعة اتفاق الشراكة بدون تنفيذ عقوبات ستكون مجرد “تصريحات رمزية بلا تأثير”.
-إجراءات تحت البحث والسياق القانوني
أوضح كالاس أن أي عقوبات تحتاج توافقًا بين 27 دولة عضو، ما يُبطئ ردة الفعل. لكنها ناشدت النواب بالضغط على حكوماتهم “لتغيير موقفها جذريًا” إزاء العقوبات.
في الوقت نفسه، يسعى الاتحاد إلى إجراء مراجعة رسمية بخصوص مخالفة دولة الاحتلال المادة 2 من اتفاق الشراكة، التي تنص على ضرورة احترام حقوق الإنسان، حيث وافق 17 دولة من أصل 27 في اجتماع وزراء الخارجية يوم 20 مايو على إطلاق مراجعة رسمية.
وقد حضره تأييد من دول مثل فرنسا وإسبانيا وهولندا والدنمارك، بينما عارضته دول حليفة لإسرائيل مثل ألمانيا والمجر .
-سيناريوهات العقوبات: اختلال الميزان التجاري
تشمل الخيارات المطروحة أمام الاتحاد الأوروبي: تعليق جزئي لمزايا الاتفاق حتى يتم التوصل إلى اتفاقية حقوق إنسان واضحة، وهو ما لا يتطلب إجماعًا كاملاً، بل أغلبية مؤهلة (15 دولة تمثل 65% من سكان الاتحاد).
-تجميد المشاركة الإسرائيلية في برامج الاتحاد البحثية مثل Horizon Europe.
فرض عقوبات على مستوطنين متطرّفين وأفراد مسؤولين عن انتهاكات بحق الفلسطينيين، بعدما أعدت بروكسل قائمة لمسؤولين تم توقيع عقوبات ضدهم بالفعل.
-الضغط الشعبي والمؤسّسي
ارتفعت الأصوات الشعبية المؤيدة للعقوبات، مدفوعة بتقارير أممية ومنظمات حقوقية رصدت خسائر فادحة في صفوف المدنيين الفلسطينيين، وتوثيق استخدام التجويع كسلاح حرب. وتشير استطلاعات الرأي إلى تراجع تأييد دولة الاحتلال في أوروبا إلى أدنى مستوى له منذ سنوات.
كما انطلقت مبادرات نيابية من 36 نائبًا من حزب اليسار والخضر والديمقراطيين الاشتراكيين لدعوة الاتحاد إلى تعليق اتفاق الشراكة كخطوة أولى، ثم التدرّج نحو فرض عقوبات اقتصادية.
وفي انتظار نتائج المراجعة المقرّر الإعلان عنها في جلسات وزير الخارجية الأوروبي المقبلة (23 يونيو) ثم القمة على مستوى قادة الدول، يبقى السؤال الأهم: هل ستتحول التهديدات الكلامية إلى عقوبات اقتصادية فعلية؟ ويُعتقد أن جوهر القرار مرهون بإرادة الدول الكبرى داخل الاتحاد، وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا، وقدرة كالاس وفون دير لاين على الدفع باتجاه خطوة عملية.
إذا قُطعت الامتيازات التجارية فإن الرسالة لن تكون رمزية فقط، بل مؤذية فعليًا للاقتصاد الإسرائيلي، الذي تُعدّ أوروبا أكبر شريك تجاري له (32% من صادراته) . وقد تستدعي الخطوة أيضًا تحركًا في بروكسل يتجاوز العوائد المادية إلى منع تسليح المستوطنين وتجميد التعاون البحثي.