بثت محطة “بي بي سي” البريطانية الثلاثاء الماضي تقريراً مصوراً عن شمال العراق. التقرير يتناول الانتهاكات التركية المستمرة للأراضي والسيادة العراقية، ويظهر بوضوح قواعد عسكرية تركية منتشرة في الشمال العراقي توجد بصورة دائمة بحجة مقاتلة حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً لدى الأتراك وكثير من الدول. تسأل المذيعة الضابط العراقي المسؤول عن الحدود، “ألا يُعد ذلك انتهاكاً للسيادة العراقية؟”. يتدخل ضابط آخر نيابة عنه، “هذه الأسئلة لا نجيب عنها!”. يصمت الضابط الكبير ويستمر التقرير.
يبلغ طول الحدود البرية بين العراق وإيران 1600 كيلومتر تقريباً، وهذه الحدود منتهكة من قبل إيران وتدخل من تشاء وقتما تشاء من دون جوازات، خصوصاً خلال مواسم الزيارات والمناسبات الدينية التي يحييها الشيعة في العراق. وتتحكم إيران بالقرار العراقي، بل بتشكيل حكوماته ووزرائه والتعيينات القيادية فيه، وتسيطر على إنتاج نفطه وعوائد النفط وموازنة البلاد، بحسب قول و”ادعاء” أصوات عراقية أخرى، بل إن هناك مناطق داخل العراق لا يحق لأي مسؤول عراقي الدخول إليها من دون موافقة إيرانية مثل جرف الصخر جنوب غربي بغداد. وكثرت الأقاويل والإشاعات حول ما يحوي جرف الصخر، صواريخ باليستية إيرانية ومعتقلات لعشرات آلاف الشباب العراقي الذين رفعوا شعار “إيران برا برا”، هكذا تقول أصوات أخرى!
أصوات مسؤولين برلمانيين وإعلاميين عراقيين تطالب بتنفيذ مذكرة اعتقال قضائية عراقية صادرة بحق الرئيس السوري أحمد الشرع. ويتردد اسمه الحركي “أبو محمد الجولاني” على ألسنة هؤلاء العراقيين عمداً ويرفضون تسميته باسمه الرسمي الحقيقي، وتطالب هذه الأصوات العراقية باعتقال الرئيس الشرع حال وصوله إلى بغداد للمشاركة في القمة العربية التي من المزمع أن يستضيفها العراق في الـ17 من مايو (أيار) الجاري. وتتعالى الأصوات نفسها بالنفير والجهاد لتحرير مزار زينب بنت الرسول بدمشق، بحسب معتقدات هذه الأصوات.
أصوات عراقية تعلو أحياناً وتخبو أحياناً أخرى تطالب بإلغاء “اتفاقية تنظيم الملاحة الكويتية-العراقية بخور عبدالله” التي وقعها الطرفان عام 2013 وأودعت لدى الأمم المتحدة. وتحدد الاتفاقية علامات الحدود البحرية بين البلدين بالممر المائي الذي يربطهما وفقاً لـ”اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار” الصادرة عام 1982 ووفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 833 الصادر في مايو عام 1993، أي قبل 32 عاماً والذي يرسم الحدود النهائية بين البلدين. وصادق صدام حسين على ذلك القرار كما وافق برلمانه “المجلس الوطني العراقي” عليه وأودع لدى الأمم المتحدة.
أصوات وضوضاء عراقية متعددة الاتجاهات تقول إن مسؤولين عراقيين باعوا خور عبدالله إلى الكويت وقبضوا الثمن رشى من الكويت! وهذه الأصوات تسمي هؤلاء المسؤولين بأسمائهم وبعضهم ما زال يتبوّأ مناصب عراقية رسمية، وآخرون في البرلمان ورؤساء لكتل برلمانية عراقية! فإن صدقت هذه الأصوات، فلماذا لا يحاكم هؤلاء على “بيعهم” خور عبدالله إلى الكويت؟ ولماذا لا يزال هؤلاء “الخونة”، وفق ادعاءات هذه الأصوات، يتصدرون المشهد السياسي العراقي؟
كتب النائب العراقي السابق والشخصية الإعلامية المرموقة فايق الشيخ علي على حسابه في منصة “إكس” أن قرار المحكمة الاتحادية العراقية بإلغاء “اتفاقية خور عبدالله” هو قرار “كتبته إيران وأملته على محكمتنا الاتحادية نكاية بالكويت بسبب الصراع على حقل الدرة الغازي”. إذاً هذه هي “القمنده”، كما في الأقوال الشعبية!
جاءت كلمة خور لتعني الضعف البدني، ومنها عبارة دارجة “قام يخوره”، أي إنه بدأ يهذي ويخربط في الكلام من الضعف والوهن، ويقال إن فلان “خواره”، ويسمى صوت البقر “خواراً”. فوارق بسيطة لا تذكر بين أصوات وضوضاء وخوار وكلاوات عراقية حول خور عبدالله الكويتي.
نقلا عن إندبندنت عربية