طائرات بوينغ الأكثر عرضة للتحطم بين التحقيقات والشكوك

بعد سلسلة حوادث مميتة..

السياسي -متابعات

كارثة أحمد آباد الجوية مأساة أخرى تتعلق بشركة بوينغ، لكنها أول حادث تحطم مميت لطائرة 787 دريملاينر، نجمة أسطولها.

وسقطت طائرة الخطوط الجوية الهندية، التي كان من المقرر أن تهبط في مطار غاتويك بلندن الساعة السادسة مساء الخميس، فوق منازل في منطقة ميغاني، أكبر مدن ولاية غوجارات، بعد أقل من دقيقة من إقلاعها.

وكان على متن الطائرة 169 هنديا، بالإضافة إلى 53 بريطانياً وكندياً واحداً وسبعة برتغاليين.

وادعى خبراء الطيران أن طائرة 787-8 دريملاينر ربما فقدت طاقتها فجأة، و يُعتقد أن الأسباب المحتملة الأخرى تشمل تغيراً سريعاً في الرياح أو اصطداماً بطائر، حيث لا يزال التحقيق جارياً في أول حادث جوي مميت لطائرة دريملاينر المتطورة.

وقال خبير الطيران جوليان براي: “هذه طائرة ركاب متطورة، دريملاينر، المنتج الرائد لشركة بوينغ، إنها تطير ذاتياً نوعاً ما، لذا ما كان ينبغي أن تكون هناك مشكلة”.

سلسلة حوادث

وتُعد كارثة أحمد آباد الجوية أحدث حلقة في سلسلة حوادث مأساوية شملت شركة بوينغ التي عانت من أزمة وطائراتها، وقبل ستة أيام فقط، توصلت شركة صناعة الطائرات إلى صفقة بقيمة 1.1 مليار دولار (812 مليون جنيه إسترليني) مع وزارة العدل الأمريكية لتجنب الملاحقة القضائية بشأن حوادث تحطم طائرة 737 ماكس التي أودت بحياة 346 شخصاً في إثيوبيا وإندونيسيا في عامي 2018 و2019 على التوالي.

ووُجد لاحقاً أن كلتا الكارثتين تعودان إلى خلل في أنظمة التحكم في الطيران، مما أدى إلى إيقاف أسطول طائرات 737 ماكس عالميا لما يقرب من عامين.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، انزلقت طائرة بوينغ من على مدرج في كوريا الجنوبية، واصطدمت بجدار خرساني، مما أدى إلى اشتعال النيران فيها، وقُتل جميع ركاب طائرة بوينغ 737-800، البالغ عددهم 181 شخصاً، باستثناء اثنين، وكان أصغرهم طفلا في الثالثة من عمره.

وقبل أسابيع، اشتعلت النيران في طائرة بوينج 737 تقل 78 راكباً وتعرضت لأضرار جسيمة عندما تسببت محاولة إقلاع فاشلة في انزلاقها عن المدرج وسقوطها في الأدغال في مطار بالسنغال.

تزوير فحوصات سلامة

وفي مايو (أيار) 2024، أعلنت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية عن تحقيق جديد في السلامة مع شركة بوينغ لصناعة الطائرات المتعثرة، وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن هدف التحقيق هو ما إذا كانت بوينغ قد استوفت متطلبات فحص السلامة على جميع طائراتها 787 المتعثرة، وزعمت الجهات التنظيمية أن بوينغ أبلغتهم بأن موظفيها ربما تغيبوا عن بعض عمليات التفتيش على طائرات 787 دريملاينر.

وأضافت إدارة الطيران الفيدرالية أنها تحقق “فيما إذا كانت بوينغ قد أكملت عمليات التفتيش وما إذا كان موظفو الشركة قد زوّروا سجلات الطائرات”.

“هذه الطائرات ليست آمنة”

وبعد ثلاثة أشهر، أصدرت إدارة الطيران الفيدرالية أمرا إلزامياً بتفتيش طائرات بوينغ 787 دريملاينر، وفي مارس (آذار) 2024، تعرضت طائرة بوينغ 787 تابعة لشركة لاتام إيرلاينز لحادث طيران مروع أسفر عن إصابة أكثر من 50 شخصا، أحدهم في حالة خطيرة، عندما هوت الطائرة من الأمام.

وأفادت شركة الطيران والركاب على متن رحلة سيدني-أوكلاند أن الطائرة، وعلى متنها 263 راكباً وتسعة من أفراد الطاقم، سقطت فجأة في الجو، وفي 5 يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، انفجر سدادة باب طائرة تابعة لشركة ألاسكا إيرلاينز في الجو، وكانت الطائرة التي انفجر بابها في الجو على ارتفاع 16.000 قدم من طراز 737 ماكس 9.

لم يُصب أحد بأذى خلال الحادث الجوي، وحدد محققو الحوادث أن البراغي التي تُثبّت اللوحة بهيكل طائرة بوينغ 737 ماكس 9كانت مفقودة قبل انفجارها، و أضرّ هذا الحادث بسمعة بوينغ أكثر، وأدى إلى تحقيقات مدنية وجنائية متعددة.

وفي العام الماضي، دعا مُبلّغ عن مخالفات في شركة بوينغ إلى فتح تحقيق جنائي مع الشركة المتعثرة لأن “طائراتها غير آمنة”، وفق الوصف الدقيق، وقال إد بيرسون، المدير الأول السابق في بوينغ، إن هناك الكثير من العيوب في الطائرات.

ودعا المدير التنفيذي لمؤسسة سلامة الطيران السلطات إلى فتح تحقيق جنائي، مُطلقاً تحذيراً مُقلقاً: “هذه الطائرات ليست آمنة.. ما زالت غير آمنة”.

وألمح بيرسون إلى أن بوينغ ربما لم تلتزم بالموعد النهائي الذي حددته إدارة الطيران الفيدرالية، وطلب تمديداً بعد أن طُلب منها إعداد خطة إصلاح عقب الانفجار.

وصرح بيرسون لإذاعة بي بي سي 4 هذا الصباح بأن الأفعال هي الأساس لا الأقوال، وقال: “ما يجب أن يحدث حقا، كما ذكرنا سابقا، هو إجراء تحقيق جنائي شامل لأن هذه الطائرات ليست آمنة”.

تفاصيل صفقة .. “هروب مقزز”

وبموجب الاتفاق الأخير في قضايا بوينغ، الذي وُضِحَ في ملفٍّ قُدِّمَ إلى المحكمة هذا الأسبوع، ستدفع شركة الطيران العملاقة 1.1 مليار دولار (812 مليون جنيه إسترليني)، بما في ذلك غرامة جنائية قدرها 487.2 مليون دولار، سُدِّد نصفها بالفعل في تسوية سابقة.

كما ستشهد الصفقة تعويضاتٍ لعائلات ضحايا الحادث قدرها 444.5 مليون دولار (328 مليون جنيه إسترليني).

لكن سانجيف سينغ، محامي عائلات الضحايا، انتقد هذه الخطوة بشدة، وقال لبي بي سي إن الصفقة تُعَدُّ هروبا “مُقزِّزًا أخلاقياً”، وفق وصفه، سمح للشركة بالتهرب من المساءلة الجنائية الحقيقية.

وفي حال موافقة قاضٍ فيدرالي، ستحمي الصفقة الشركة من محاكمة جنائية بتهمة الاحتيال.

غير أن غضباً متزايداً يتشكل تجاه بوينغ على مستوى العالم، حيث الشكوك تتنامى في أن تشهد المزيد من طائراتها حوادث مأساوية مميتة.