السياسي – بدأ مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، جلسته الشهرية المخصصة لبحث “الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية”، والتي شهدت مداخلات لافتة كان أبرزها شهادة الطبيب الأمريكي فيروز سيدوا، وشهادة منسقة الأمم المتحدة المؤقتة لعملية السلام في الشرق الأوسط، سيغريد كاغ.
الطبيب فيروز سيدوا: لم أعالج مقاتلا واحدا بل أطفالا ونساء
بدعوة من رئاسة المجلس، أُعطي الطبيب الأمريكي فيروز سيدوا، المتخصص في طب الأطفال والصدمات النفسية، الكلمة ليشارك بشهادته عن تجربته في مستشفيات غزة. تطوّع سيدوا مرتين؛ الأولى في المستشفى الأوروبي بخان يونس بين 25 مارس و8 أبريل 2024، والثانية في مستشفى ناصر بين 6 مارس و1 أبريل 2025. وقال: “أنا هنا لست بصفة سياسية، بل كطبيب وشاهد عيان على التدمير المتعمد للمنظومة الصحية في غزة”.
وأوضح أنه سبق أن تطوع في هاييتي وأوكرانيا، لكن التجربة في غزة كانت مختلفة. وقال: “قمنا بعمليات دون مخدر أو تعقيم أو كهرباء، وعلى أرضية ملوثة. شاهدنا أطفالًا يموتون ليس لأن جراحهم كانت مستعصية، بل بسبب نقص الدم أو المضادات الحيوية أو المستلزمات الأساسية”. وأضاف: “لم أعالج أي مقاتل. جميع مرضاي كانوا أطفالًا دون السادسة، أُطلقت النار على رؤوسهم أو قلوبهم، نساء حوامل شقت الرصاصات أحواضهن وقتلت الأجنة في أرحامهن”. وأشار إلى أن الأمهات كن يصنعن الخبز على نار مكشوفة في قسم الطوارئ، بينما كان الأطباء يحاولون إنقاذ الأرواح. وأكد أن تدمير المنظومة الصحية تم بطريقة ممنهجة، وأن الموت لم يعد فقط نتيجة للقصف بل للمجاعة وسوء التغذية. وقال إن الجرحى الذين التقاهم خلال تطوعه الثاني كانوا أضعف وأصعب شفاءً. “إنها كارثة من صنع الإنسان، وحرمان متعمد من الماء والدواء والمأوى. رفض الإبادة الجماعية يبدأ برفض التكيف مع قتل الفلسطينيين”.
واستذكر الطبيب يوم 18 مارس 2025، حين استؤنف العدوان الإسرائيلي، قائلًا: “في ذلك الصباح، استقبلنا 220 مصابًا بالصدمة، و90 جثة، نصفهم من الأطفال. لم يكن أي نظام صحي قادرًا على التعامل مع هذا العدد”. وأضاف: “لم تعد هناك حماية للمستشفيات ولا للعيادات ولا للمسعفين، ولا حتى للأطفال. معظم من عالجتهم كانوا دون الثالثة عشرة، وأغلبهم فارق الحياة”.
وقال إنه نشر في صحيفة نيويورك تايمز استطلاعًا شمل 63 طبيبا خدموا في غزة، وأكد 83% منهم أنهم عاينوا أو عالجوا أطفالا أُطلق الرصاص على رؤوسهم أو صدورهم. وأوضح: “أنا شخصيا عالجت 13 طفلا من هذا النوع خلال أسبوعين في المستشفى الأوروبي”.
وختم الطبيب كلمته بقوله: “أطفال غزة يتمنون الموت ويفكرون في الانتحار. يقولون: لماذا لم أمت مع أمي أو أبي أو أخي؟ تخيلوا أن أطفالكم يفكرون في الموت، لا لأنهم متطرفون، بل لأنهم يائسون”.