لم يكن نداء الاستغاثة الذي وصل “مستشفى ناصر” بقطاع غزة، مختلفا عن البلاغات التي اعتاد الطاقم الطبي التعامل معها خلال الحرب التي ترتكبها إسرائيل بحقّ أهالي القطاع، منذ أكثر من عام ونصف، لكن الطبيب أحمد النجار استقبل في نوبة عمله، أفظع مشهد في حياته.
فبينما كان النجار يستعد لاستقبال مصابين، الخميس، بعد ورود إشارة تفيد بقصف منزل بمدينة خانيونس جنوبيّ القطاع، تلقّى اتصالا هاتفيًّا، أبلغه بأن القصف المذكور، استهدف منزل عائلته.
وحينما وصلت سيارات الإسعاف إلى المستشفى، فتح الطبيب أحد أبوابها ليجد جثامين الضحايا بداخلها.
الطبيب الملهوف لمح جسدين ممددين على نقالة مغطاة بالدماء، فاقترب بخطوات مرتجفة، ورفع الغطاء عن وجه أحد الضحايا، ليُفاجَأ بأن الجثمان لوالده.
ثم أزاح الغطاء عن الجثمان الآخر، ليكتشف أنه لوالدته، وقد استشهدا نتيجة قصف استهدف منزلهما.
تجمّد الطبيب في مكانه للحظات، قبل أن ينهار باكيا غير مصدّق ما رأته عيناه، فيما سارع زملاؤه في الطاقم الطبي لمواساته واحتضانه.

ولم تقتصر الفاجعة على والديه فقط، بل كانت من بين الضحايا أيضا جثة طفلة صغيرة استشهدت في القصف ذاته، وقد بدا رأسها ممزقا.
تلك الواقعة ليست جديدة بقطاع غزة، إذ واجه العديد من المسعفين ورجال الدفاع المدني لحظات عصيبة مماثلة، خلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة.
والخميس، أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة، ارتفاع حصيلة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل إلى 51 ألفا و355 شهيدا، و117 ألفا و248 مصابا منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
