السياسي – كشفت تقارير حقوقية وشهود عيان وناشطون فلسطينيون، أن السلطات الإسرائيلية بدأت مؤخراً بتنفيذ مخطط استيطاني لإعادة رسم الجغرافيا وتشكيل واقع جديد بهدف قطع التواصل بين مدن الضفة الغربية.
وأفادت عدة عائلات فلسطينية، ذات جذور ممتدة منذ مئات السنين، في مدينة “قلنديا” قرب القدس بالضفة الغربية، بأنها تلقت مؤخراً طلبات إخلاء منازل ومزارع مملوكة لها، بذريعة أنها “ملك دولة لإسرائيل”.
وأشارت مصادر فلسطينية إلى أن إسرائيل تريد استخدام تلك الأراضي، الواقعة قرب جدار الفصل العنصري، لإنشاء مكبّ للنفايات وسط مناطق يعيش فيها الفلسطينيون.
وكشف موقع “كالكسيت” العبري أن “السلطات الإسرائيلية تخطط لإنشاء حي سكني لليهود المتشددين دينيا (الحريديم)، في القدس، يضم حوالي 9000 وحدة سكنية تستوعب أكثر من 30 ألف مستوطن”.
عائلات فلسطينية متجذّرة في الأرض منذ مئات السنين، تعيش بجوار هذا الجدار العنصري في قلنديا قرب القدس المحتلة في الضفة الغربية، والذي أنشأته إسرائيل لحماية المستوطنات، تلقّت إخطارات تطالبها بإخلاء منازلها وأراضيها بزعم أن تلك الأرض تابعة لـ”دولة إسرائيل”، رغم امتلاك العائلات… pic.twitter.com/h0mCGHXVSy
— Tamer | تامر (@tamerqdh) November 15, 2025
وبحسب تقرير نشره الموقع العبري، “سيحل هذا الحي، الذي سينفذ على مساحة تُقارب 1263 دونما، مكان المنطقة الصناعية ومهبط الطائرات في عطروت شمال غرب مدينة القدس”.
وذكر التقرير أن “السلطات تنظر إلى المشروع من حيث التخطيط كنوع من المدن الصغيرة المستقلة في معظم الجوانب المعمارية والحضرية، حيث تمثل القدس مدينة رئيسة ومركزية في المدينة الكبرى، وستكون عطروت واحدة من المدن الصغيرة داخل المنطقة الحضرية الكبرى”.
من جهتها، قالت منظمة “البيدر” الحقوقية إن “الاستيطان المتسارع شرق القدس ضمن مخطط E1، يشكل تصعيدا خطيرا يستهدف بلدات عناتا وحزما وجبع والتجمعات البدوية المحيطة بها”.
وشددت المنظمة الحقوقية، في بيان على أن ذلك يأتي “وسط محاولات لتغيير الجغرافيا الفلسطينية بشكل يهدد التواصل الجغرافي بين مدن الضفة الغربية”.
وأضافت أن “مستوطنين شرعوا مؤخرا بإقامة بؤرة استعمارية جديدة على أراضي بلدة عناتا، قرب تجمعي أبوغالية والعراعرة البدوييْن، بالتوازي مع تحركات مشابهة في أراضي حزما وجبع شمال شرق القدس، في إطار مشروع استيطاني ممنهج”.
وأضافت أن “هذه التحركات تأتي في سياق مخطط لربط مستعمرة (معاليه أدوميم) بمدينة القدس؛ بما يعني عمليا قطع التواصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، وإحاطة القدس الشرقية بطوق استيطاني يخنق أي إمكانية مستقبلية لجعلها عاصمة لدولة فلسطينية مستقلة”.
وأكدت المنظمة أن “البلدات الثلاث والتجمعات البدوية المنتشرة فيها، تقع في قلب المنطقة الممتدة بين شمال شرق وشرق القدس ومستوطنة (معاليه أدوميم)، وتشكل المعبر الوحيد الذي يربط شمال الضفة بجنوبها؛ ما يجعل الأنشطة الاستيطانية الأخيرة أكثر خطورة”.
وأشارت إلى أنه “يجري حالياً تنفيذ مخطط E1، الذي يمتد على نحو 12 كيلومترا مربعا، تدريجيا، عبر إنشاء بؤر صغيرة غير معلنة، تمهيدا لربطها بالطرق الالتفافية ومعسكرات وحواجز عسكرية؛ ما يؤدي إلى عزل القدس الشرقية وترك التجمعات البدوية محاصرة كجزر منفصلة”.
وقالت المنظمة إن “سكان التجمعات البدوية في المنطقة يعتمدون على الزراعة والرعي كمصدر رزق رئيس، ومع تصاعد النشاط الاستيطاني يجري منعهم من الوصول إلى أراضيهم، والاستيلاء على مساحات واسعة بذريعة أنها (أراضي دولة) أو (مناطق تدريب عسكري)، إضافة إلى هدم المنازل والمنشآت بحجة البناء غير المرخص، في سياسة ترحيل تدريجي تخالف اتفاقية جنيف الرابعة”.
واعتبرت “البيدر” أن “ما يجري في منطقة 1E يشكّل (نقطة اللاعودة) في مسار حل الدولتين؛ إذ سيؤدي ربط مستعمرة (معاليه أدوميم) بالقدس عبر عناتا وحزما وجبع، والتجمعات البدوية المحيطة بها إلى فصل الضفة الغربية إلى منطقتين معزولتين، وتقويض إمكانية قيام دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي”.
ودَعت المنظمة إلى “توثيق وتحديث الخرائط الميدانية لإظهار الترابط بين البؤر الاستيطانية الجديدة ومخطط 1E، والتحرك الدولي العاجل لوقف المشروع، وفرض تجميد فوري للبناء الاستيطاني شرق القدس، وحماية التجمعات البدوية عبر توفير دعم قانوني وإنساني عاجل، والضغط لفرض عقوبات على الجهات المنفذة للمشاريع في الأراضي المحتلة”.
وأكدت أن “ما يجري في عناتا وحزما وجبع ومحيط التجمعات البدوية جزء من مخطط يستهدف إعادة رسم خريطة الضفة الغربية وفق المصالح الإسرائيلية، بما يحوّل البلدات والتجمعات إلى فسيفساء معزولة تحت الزحف الاستيطاني، ويضعف فرص تطبيق حل الدولتين”.







