إن أحداث الأسبوع الماضي هي شبيهة بإعصار مر على السياسات الأميركية بصورة مفاجئة وبات هذا الإعصار على حافة تغيير الخريطة السياسية في الولايات المتحدة على مستويات عدة وربما تؤدي نتائجه الواضحة أيضاً إلى تغيير سياسة الإدارة أو على نحو أوضح عودة إدارة ترمب للبيت الأبيض، لكن مع تغيير في المنهج سيكون له تأثير في منطقه الشرق الأوسط وفي العالم بصورة عامة.
لنبدأ بالتطورات الأخيرة التي باتت الآن عنواناً للمراقبين يحاولون عبره استشراف المستقبل القريب والمتوسط وحتى البعيد منه، حادثتان كبيرتان غيّرتا أو على طريقهما للتأثير في مسار الأمور بالولايات المتحدة الأميركية. الحادثة الأولى هي محاولة اغتيال المرشح الجمهوري الرئاسي دونالد ترمب والتطور الثاني اختراق ترمب للحزب الديمقراطي.
محاولة فرد مسلح إطلاق النار على المرشح ويرديه قتيلاً صعقت العالم، وشاهد الأميركيون ومعهم العالم الخارجي تطورات إطلاق النار من بندقية حربية على دونالد ترمب عندما كان يخطب في مناصريه خلال مهرجان سياسي.
سمعت الطلقات النارية وشاهد الحشد المحيط بدونالد ترمب مرشحهم يرى الدماء تسيل من أذنه اليمنى ومن ثم يهبط على الأرض ويشبّ الأمن السري الرئاسي لحمايته في ثوانٍ.
هذه اللحظات لن ينساها الأميركيون فهي تذكرهم أيضاً بحوادث مماثلة وقعت منذ عقود، بما فيها أخيراً ومن أهم تلك الأحداث كانت عملية اغتيال الرئيس جون كينيدي وشقيقه السيناتور روبرت كينيدي والقس مارتن لوثر كنيغ، إضافة إلى محاولات اغتيال عدة حصلت على مدى السنوات بما فيها الأعوام السبعة الماضية، مما يرفضه الأميركيون بصورة حاسمة ولكن الشعب الأميركي معتاد على حصوله بين مرحلة وأخرى، وشكلت الاغتيالات بداية ونهاية مراحل في الماضي، لذا فإن السؤال الأول الذي يطرحه المراقبون الأميركيون هل نحن أمام مرحلة جديدة من السياسات الأميركية؟.
ترمب وبأعجوبة نجا من محاولة الاغتيال هذه، وبذلك فإن الثقافة السياسية الأميركية باتت في موقع يريد تلقين درس لكل من يحاول أن ينهي تياراً سياسياً بواسطة العنف المسلح، فهذا ما حصل لترمب بعد حادثة السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، إذ تخلى السياسيون من الحزبين عنه وقتها لأنه صُوّر لهم أنه دعا إلى العنف، على رغم أنه في الواقع لم يفعل.
أما هذا الأسبوع، فإن ردود فعل الشعب الأميركي وبعض مؤسساته التي لم تكُن على علاقة وطيدة مع المرشح الجمهوري، كانت بالتنديد الكامل بمحاولة الاغتيال وبإعطاء ترمب فرصة جديدة كي يعود للبيت الأبيض.
أولاً التفّ جماهير الجمهوريين بصورة حاسمة حول شخصية ترمب وقيادته، وثانياً حتى خصومه ومن بينهم رئيس الولايات المتحدة جو بايدن والرئيس السابق لها باراك أوباما نددوا بمحاولة الاغتيال ودعوه إلى تكريس وحدة سياسية.