السياسي – قال رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إنه سيتوجه مع قيادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، داعيا قادة الدول العربية والإسلامية والأمين العام للأمم المتحدة إلى المشاركة في زيارة قطاع غزة لوقف العدوان الإسرائيلي.
وفي خطاب هو الأول له في البرلمان التركي، قال عباس: “أعلن أمامكم وأمام العالم أنني قررت التوجه مع جميع القيادة الفلسطينية إلى قطاع غزة”، داعيا مجلس الأمن لتأمين وصوله إلى غزة، مطالبا إياه بتنفيذ قراراته بوقف إطلاق النار فورا، وسحب قوات الاحتلال الإسرائيلي من غزة، وتنفيذ توصيات محكمة العدل الدولية.
وشدد عباس على أن “دولة فلسطين هي صاحبة الولاية على قطاع غزة والضفة الغربية وعاصمتها الأبدية القدس الشريف، مشددا على أن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته لن يقبل باحتلال إسرائيل لشبر واحد من غزة أو الضفة الغربية.
وأضاف عباس أنه “رغم إقدام إسرائيل على التجويع والقتل والتدمير الذي نفذته بحق شعبنا، واستهداف المنظمات الإنسانية، فإن أمريكا استخدمت الفيتو 3 مرات في مجلس الأمن لمنع وقف الحرب.
وشدد بالقول: “إمّا النصر أو الشهادة”.
-نص كلمة عباس في البرلمان التركي:
جئتكم من فلسطين المباركة، أرض الرباط، من بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.. جئتكم أحمل إليكم آلام وآمال شعبنا الفلسطيني الذي يعيش الألم الكبير والنكبة المتواصلة منذ عام 1948، ويواجه جرائم الاحتلال وغياب العدالة الدولية، متمسكاً بأرضه ووطنه ومقدساته وحقوقه الوطنية الثابتة.
اسمحوا لي أن أبدأ حديثي إليكم بالترحم على أرواح عشرات الآلاف من الشهداء الذين ارتقوا إلى بارئهم بسبب العدوان الإسرائيلي، وحرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها على شعبنا في غزة والضفة الغربية والقدس، والتي كان آخرها الجريمة بحق الشهيد القائد إسماعيل هنية، وأدعوكم إلى قراءة الفاتحة على أرواح شهداء فلسطين الأبرار”.
تجتمعون موحدين تحت قبة هذا البرلمان، نصرةً لشعبنا ودفاعاً عن قضيته العادلة، التي أثق بأنها تمثل جُلَ اهتماماتكم ونقاشاتكم في هذا المجلس، لتضميد جراح شعبنا الذي يتعرض لظلم تاريخي، وتُرتكب بحقه مجازر وجرائم حرب، وإبادة جماعية أدانتها المحاكم والمحافل الدولية كافة.
كيف بالله، يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى صامتا عن المجازر اليومية التي ترتكبها قوات الاحتلال في مراكز الإيواء، والتي كان منها مجزرة مدرسة التابعين التي راح ضحيتها أكثر من مئة شهيد؟.
تقدير تركيا
نقدر عالياً دور تركيا الرائد بقيادة الرئيس أردوغان، لمواقفه الشجاعة والمبدئية دفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في الحرية والاستقلال، كما نقدر مواقف جميع الأحزاب التركية، ومؤسسات المجتمع المدني، الرافضة والمنددة بالجرائم البشعة التي يرتكبها الاحتلال بحق شعبنا وأرضنا ومقدساتنا.
الشكر الجزيل للشعب التركي الشقيق على مشاعره الصادقة ومواقفه النبيلة نصرةً للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وشعبنا الفلسطيني لا يمكن أن ينسى شهداء الشعب التركي من أجل فلسطين والقدس الشريف.
وحيا عباس قرار تركيا الانضمام إلى الدعوى التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا ضد الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، لدى محكمة العدل الدولية، وقرارها وقف التجارة مع إسرائيل، دعما للشعب الفلسطيني، بسبب تفاقم المأساة الإنسانية في قطاع غزة وجرائمها في فلسطين.
نعوّل كثيراً على مناصرة أشقائنا في تركيا التي جعلت قضية القدس وفلسطين قضيتها المركزية، وهذه هي شيم وأخلاق الشعب التركي الشقيق وسياسته.
اجتثات الشعب الفلسطيني
هدف إسرائيل الحقيقي من حرب الإبادة في غزة والضفة الغربية والقدس هو اجتثاث الوجود الفلسطيني من أرض وطننا، والتهجير القسري للفلسطينيين من فلسطين من جديد.
يريدون أن يكرروا مأساة التهجير كما حصل في عامي 1948 و1967، وهو ما لن يكون أبدًا مهما فعلوا ومهما حاولوا، فشعبنا متمسك بأرضه ووطنه ومقدساته، ولن يتركها للمحتلين الغاصبين مهما بلغت التضحيات.
منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن هناك أكثر من 40 ألف شهيد من الأطفال والنساء والشيوخ، وأكثر من 80 ألف جريح، ومع ذلك نحن صامدون وباقون في أرضنا.
وأشاد الرئيس الفلسطيني بمواقف كل من مصر والأردن الرافضة لمخططات التهجير الإسرائيلية.
قلناها في الماضي ونقولها اليوم وغدا: إن غزة جزء أصيل من الدولة الفلسطينية الواحدة الموحدة، وإنه لا دولة في غزة، ولا دولة دون غزة، وشعبنا لن ينكسر ولن يستسلم، وسنعيد بناء غزة، ونضمد جراح شعبنا بسواعد أبنائه ومساندة أمتينا العربية والإسلامية وأحرار العالم.
إن القتلة ومجرمي الحرب لن يفلتوا أبداً من العقاب على ما اقترفوه وما زالوا، من جرائم لن تسقط بالتقادم”.
شعبنا بصموده الأسطوري ومقاومته الباسلة المستمرة (..) لا يدافع عن أرض وطنه فلسطين، ولا عن هويته وحقوقه الوطنية والسياسية والدينية والتاريخية فحسب، بل إنه يقف أيضاً في الخندق الأمامي دفاعا عن أمتينا العربية والإسلامية في وجه هذا المشروع الاستعماري التوسعي.
القدس أمانة
نعلم جيداً مكانة القدس في قلوبكم، فالقدس دائما ومنذ التاريخ في قلوب أبناء الشعب التركي الشقيق كما هي في قلوبنا، وقلوب مئات الملايين من أبناء أمتنا.
المسجد الأقصى في القدس هو أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، هذا شيء ثابت، فالمسجد الأقصى مبني قبل مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة، وهو مسرى الرسول الحبيب، والقدس هي درة التاج، وهي مهد السيد المسيح.
ليس فينا وليس بيننا وليس منا، من يفرط في ذرة من تراب فلسطين ولا في حجر من حجارة القدس، التي هي أمانة الدين وأمانة التاريخ.
اليوم التالي للحرب
الحديث عن سيناريوهات يجري إعدادها هنا وهناك لما يسمى باليوم التالي للعدوان، ونحن نقولها بكل وضوح إن قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية هي وحدة جغرافية واحدة تشكل الدولة الفلسطينية المستقلة.
دون تحقيق ذلك وتجسيد هذه الدولة الفلسطينية والاعتراف بها، فلن تنعم هذه المنطقة بالأمن والاستقرار والهدوء والتنمية والسلام، وستبقى تدور في هذه الدوامة من العنف والعنف المضاد.
الطريق إلى السلام والأمن يبدأ من فلسطين وينتهي إلى فلسطين.
الوحدة الوطنية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، هي صمام أماننا وجسر خلاص نحو الحرية والاستقلال.
خاض أشقاؤنا الأتراك في كل المجالات، السياسية والدبلوماسية والبرلمانية والقانونية والإعلامية، المعارك معنا دفاعاً عن الحق الفلسطيني، وتعزيزاً لصدق الرواية الفلسطينية، وتبديداً لروايات الكذب والتضليل والتحريف التي تقوم بها إسرائيل وبالذات ما قام به نتنياهو بالكونغرس، الذي فتح باب كذب ليس له أول، ولا آخر.
الأكاذيب التي تروجها الحكومة الإسرائيلية لا يمكن أن يصدقها عاقل، فالهجوم على المنظمات الأممية والمحاكم الدولية والمتظاهرين المتضامنين مع الحق الفلسطيني، والتنصل من مسؤولية قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية وتجويع أهلنا في قطاع غزة، هي مجرد أكاذيب تدحضها الحقائق على الأرض وتقارير منظمات الأمم المتحدة وقرار محكمة العدل الدولية.
ولفت إلى أن الولايات المتحدة استخدمت سلطة النقض “الفيتو” ثلاث مراتفي مجلس الأمن ضد مطالبة العالم بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
دولة فلسطين هي صاحبة الولاية على قطاع غزة والضفة الغربية وعاصمتها الأبدية، القدس الشريف، وإن شعبنا الفلسطيني بجميع مكوناته وأحزابه وفصائله، لم ولن يقبل بوجود الاحتلال الإسرائيلي في شبر واحد من قطاع غزة أو الضفة الغربية والقدس.
أولويتنا اليوم هي وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والانسحاب الكامل والفوري، والإسراع في تقديم المساعدات الإنسانية، ومنع التهجير القسري، وعودة النازحين إلى بيوتهم ووقف الاستيطان وجرائم قوات الاحتلال.
باسم شعبنا الفلسطيني الصامد، الصابر، المكافح، إننا متمسكون بهويتنا الوطنية وحقوقنا المشروعة وأرضنا ومقدساتنا، وسنحقق الاستقلال والحرية، طال الزمان أم قصر، والاحتلال إلى زوال، وفلسطين حرة وباقية”.
عاشت الأخوة الفلسطينية التركية، شكراً لتركيا وشعبها الشقيق، وشكراً لفخامة الرئيس أردوغان على دعمه الدائم والقوي للشعب الفلسطيني ونصرة قضيته العادلة..