عباس للجمعية العامة: وقف المذبحة أولا ودولة منزوعة السلاح ثانيا – فيديو

السياسي – ألقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطابا خلال الجلسة الصباحية للجمعية العامة اليوم الخميس، تناول فيه الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وطرح رؤية السلطة الفلسطينية للمرحلة المقبلة.

وقال عباس إن الشعب الفلسطيني في غزة يواجه منذ نحو عامين “حرب إبادة وتدمير وتجويع وتهجير” تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي، موضحا أن هذه الحرب أدت إلى “مقتل وإصابة أكثر من 220 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن”، فضلًا عن تهجير مئات الآلاف، ومنع دخول الغذاء والدواء وتجويع مليوني إنسان. وأضاف أن الاحتلال دمّر أكثر من 80% من المنازل والمدارس والمستشفيات ودور العبادة من مساجد وكنائس والمقابر، معتبرا أن ما يجري “ليس مجرد عدوان، بل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية موثقة ومراقبة، وستُسجَّل في كتب التاريخ وصفحات الضمير الإنساني كإحدى أبشع المآسي في القرنين العشرين والحادي والعشرين”.

وانتقل عباس إلى الحديث عن الضفة الغربية، مشيرا إلى استمرار الحكومة الإسرائيلية في سياساتها الاستيطانية ومخططات الضم، مستشهدا بمشروع البناء في منطقة E1، الذي من شأنه أن يقسّم الضفة ويعزل القدس ويقوض حل الدولتين، في “انتهاك فاضح للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن، وخاصة القرار 2334 (2016)”. كما انتقد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي خطة “إسرائيل الكبرى”، التي تتضمن التوسع في أراضٍ عربية ذات سيادة، وندّد بما وصفه بالهجوم على دولة قطر، معتبرا أن ذلك يشكل “تصعيدا خطيرا وانتهاكا سافرا للقانون الدولي يستوجب تدخلا رادعا”.

وتطرق عباس إلى جذور المأساة الفلسطينية بدءا من نكبة 1948 التي شردت الشعب الفلسطيني من أرضه إلى المنافي، حيث أصبح عدد المهجرين الآن سبعة ملايين، مرورا بعقود من الاحتلال والاستيطان والحرمان، وصولا إلى أكثر من ألف قرار صادر عن الأمم المتحدة “لم يُنفَّذ منها قرار واحد”. وذكّر باتفاق أوسلو عام 1993، حيث “اعترفت منظمة التحرير بإسرائيل، ورفضت العنف والإرهاب، وتبنّت ثقافة السلام، وبنت مؤسسات الدولة الحديثة”، بينما لم تلتزم إسرائيل بالاتفاقيات، بل عملت على تقويضها.

وأشار الرئيس الفلسطيني إلى المؤتمر الدولي الذي عُقد قبل أيام في نيويورك برئاسة السعودية وفرنسا وبمشاركة واسعة، معتبرًا أنه عكس “إرادة دولية حقيقية لإنهاء هذا الصراع التاريخي عبر الاعتراف بدولة فلسطين وإنهاء الاحتلال وإعادة الأمل للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي”. وأعرب عن تقديره للدول التي اعترفت بدولة فلسطين أو أعلنت نيتها القيام بذلك، معددًا دولًا أوروبية مثل فرنسا والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا وبلجيكا والبرتغال ولوكسمبورغ ومالطا وموناكو وسان مارينو وأندورا والدنمارك، إلى جانب 149 دولة أخرى سبق أن اعترفت. كما شدّد على رفض “الخلط بين التضامن مع القضية الفلسطينية ومعاداة السامية”، مؤكدا أن القيم والمبادئ الفلسطينية ترفض هذا الخلط.

وفي ختام خطابه، قدّم عباس تسع نقاط أساسية شملت:

– وقف الحرب فورا ودائما في غزة، وإدخال المساعدات دون شروط عبر الأمم المتحدة، ورفض استخدام التجويع كسلاح؛ وإطلاق سراح الأسرى من الجانبين.

– الانسحاب الكامل من غزة ووقف التهجير والاستيطان والاعتداءات على المقدسات؛ وتمكين الدولة الفلسطينية من تحمّل مسؤولياتها عبر لجنة إدارية مؤقتة بدعم دولي.

– ضمان بقاء سكان غزة على أراضيهم وبدء خطة لإعادة الإعمار؛ الإفراج عن أموال المقاصة ورفع الحصار الاقتصادي.

– التحضير لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال عام بعد الحرب، والانتقال من سلطة إلى دولة عبر دستور مؤقت.

– الاستعداد للعمل مع الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا والأمم المتحدة لتنفيذ خطة السلام الأخيرة.

وقال عباس بوضوح: “لا سلام من دون عدالة، ولا عدالة من دون حرية فلسطين”. وأكد أن الفلسطينيين يريدون “العيش بحرية وأمن وسلام كبقية شعوب الأرض، في دولة مستقلة ذات سيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، دولة مدنية حديثة تحترم القانون وحقوق الإنسان وتستثمر في الإنسان والتعليم والتكنولوجيا، لا في الحروب والصراعات”.

وختم الرئيس الفلسطيني خطابه بالتوجه إلى أبناء شعبه في الوطن والشتات قائلا: “مهما نزفت جراحنا ومهما طال العذاب، لن يكسر إرادتنا في الحياة والصمود. ففجر الحرية سيبزغ، وعلم فلسطين سيرتفع عاليًا في سمائنا رمزًا للكرامة والثبات والتحرر”.