السياسي – أعلنت وزارة المالية لدى الاحتلال الإسرائيلي، أن عجز الميزانية بلغ 12.1 مليار شاقل في أغسطس/آب الماضي، في ظل ارتفاع نفقات تمويل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
وبحسب تقرير وزارة المالية فإن العجز في الأشهر الاثني عشر ارتفع إلى 8.3% من الناتج المحلي الإجمالي، ويأتي الارتفاع في حين تستهدف وزارة المالية لدى الاحتلال عجزا عند مستوى عند 6.6% للعام 2024 بأكمله.
وبلغ الإنفاق على الحرب، التي بدأت في أكتوبر الماضي، نحو 97 مليار شاقل، وذكرت مالية الاحتلال أن العجز سيستمر في الارتفاع خلال الربع الثالث قبل العودة إلى هدفه.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حربا مدمرة على قطاع غزة اقل ما توصف بأنها حرب إبادة جماعية بحق المدنيين العزل، والتي خلفت أكثر من 40 ألف شهيد، أغلبهم من النساء والأطفال، وأزمة صحية وإنسانية غير مسبوقة، بحسب تقارير أممية ودولية.
وسجل اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي تباطؤا منذ بداية الحرب على غزة، إذ بلغ النمو الاقتصادي في الربع الثاني من العام الحالي 1.2% فقط.
وبحسب معطيات نشرتها دائرة الإحصاء المركزية لدى الاحتلال، فإن الناتج التجاري، الذي يعكس نشاط القطاع الخاص، استمر بالتراجع بنسبة 1.9%، كما تراجعت صادرات البضائع بنسبة تزيد عن 7%.
وكانت تقديرات سابقة قد توقعت ارتفاع النمو الاقتصادي بأكثر من 3% في الربع الثاني من العام الجاري.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إنه بالإمكان الاطلاع على الانكماش الفعلي للاقتصاد لدى الاحتلال من خلال مقارنة بين النمو في الربع الثاني من العام الحالي والربع الثاني من العام الماضي، ليتبين أن الاقتصاد الإسرائيلي انكمش بنسبة 1.4%.
ووفق تقارير إسرائيلية، فإن اقتصاد الاحتلال ليس فقط لم يتمكن من سد الفجوة الحاصلة بسبب التراجع الكبير في الناتج، بنسبة 20.6%، في الربع الرابع من العام الماضي، حيث كان الإنفاق على الحرب مرتفعا جدا، وإنما وتيرة النمو الاقتصادي آخذة بالتراجع، إذا أن الانكماش السنوي في الربع الأول من العام الحالي سجل نسبة 1.1% واستمرت في الربع الثاني بنسبة 1.4%.
وقالت صحيفة “ذي ماركر” الاقتصادية الإسرائيلية، إن النمو في الناتج الفردي انخفضت نسبته بنسبة 0.4%، كما أن النمو الخام المحلي، الذي يعكس النشاط التجاري بدون الإنفاق العام، انخفض بـ1.9%، فيما ارتفع الإنفاق العام على خلفية الحرب والإنفاق على إخلاء عشرات آلاف المستوطنين من بيوتهم بـ8.2%.
وأشارت المعطيات إلى أن تراجع الصادرات بنسبة 7.1% كان المعطى الأكثر تأثيرا على تراجع النمو، خاصة وأن الربع الثاني من هذا العام كان الربع الثالث الذي سجلت فيه الصادرات تراجعا، إذ تراجعت الصادرات بـ23% في الربع الرابع من العام الماضي، و3.6% في الربع الأول من العام الحالي.
وفي وقت سابق، أعلنت شركة التصنيف الائتماني الدولية “فيتش”، عن خفض التصنيف الائتماني للاحتلال الإسرائيلي من مستوى A+ إلى مستوى A، مع نظرة مستقبلية سلبية، وفق ما نشرت صحيفة “يديعوت أحرنوت العبرية”.
والتصنيف الائتماني هو تقييم يُمنح للدول والشركات والأفراد لتحديد قدرتهم على سداد القروض في المستقبل، بحيث تقوم وكالات التصنيف بتقييم التاريخ المالي، حقوق الملكية، حالة الأصول، والبيانات الاقتصادية الأخرى لتحديد مدى قدرة الكيانات على الوفاء بالتزاماتها المالية.
التصنيف الائتماني يُهم بشكل خاص أولئك الذين ينوون إقراض الأموال أو الاستثمار في الدول أو الشركات الخاضعة للتقييم، كما يُظهر التصنيف المخاطر المرتبطة بإقراض الأموال أو الاستثمار، وكلما ارتفع التصنيف، انخفض العائد المطلوب من قبل المستثمرين، لأن المخاطر تكون أقل.
ويؤدي تخفيض التصنيف الائتماني إلى زيادة تكاليف الاقتراض، حيث يطلب المستثمرون عوائد أعلى تعويضًا عن المخاطر المتزايدة، وعلى المستوى الفردي، هذا يعني أن القروض ستصبح أكثر تكلفة، مما قد يؤثر على الشركات والأفراد من خلال زيادة تكاليف التمويل، وبالتالي قد يؤثر على الميزانيات العامة والخدمات المقدمة للأفراد.
منذ عام 1998، قامت وكالات التصنيف الائتماني بتقييم تصنيف اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي، والذي ارتفع تدريجياً حتى وصل إلى مستويات مرتفعة قبل عام 2024.
ومع ذلك، ففي فبراير/شباط من هذا العام، خفضت وكالة موديز التصنيف إلى 2A، ثم خفضت وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف إلى A+ بعد الهجوم الإيراني المباشر، وفي الآونة الأخيرة، خفضت وكالة فيتش التصنيف إلى A.
وتشير التوقعات السلبية تشير إلى إمكانية حدوث مزيد من التخفيضات في التصنيف الائتماني إذا لم تتحسن البيانات الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي أو إذا لم تبادر الحكومة باتخاذ خطوات ملحوظة لتحسين الوضع، واستمرار حالة عدم اليقين من الحرب قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط على التصنيف.
خبراء وكالة فيتش أشاروا إلى أن استمرار الحرب يرفع من مخاطر عدم الاستقرار في المنطقة، ويتوقعون أن تستمر الحرب حتى نهاية عام 2024 وربما بعد ذلك، مما سيؤدي إلى مزيد من النفقات العسكرية ويضر بالاقتصاد.
وانتقدت الشركة حكومة الاحتلال، بسبب الاستقطاب السياسي والاعتبارات الائتلافية، والتي قد تؤثر على التوقعات الاقتصادية، وأشارت إلى أن عدم الاستقرار السياسي قد يؤدي إلى مزيد من التخفيضات في المستقبل.
التخفيضات التي حدثت بالفعل والمحتملة قد تم تسعيرها مسبقًا من قبل المستثمرين، مما يعني أن “إسرائيل” قد تواجه بالفعل أسعار فائدة أعلى.
ومن المتوقع أن تصبح القروض أكثر تكلفة بالنسبة للشركات، والتي قد تنقل هذه التكاليف إلى العملاء، كما أن حكومة الاحتلال قد تضطر إلى تقليل الإنفاق على الخدمات مثل الرعاية الصحية والتعليم، مما يؤثر على الأفراد.
ووفق التوقعات، قد يؤدي تخفيض التصنيف إلى انخفاض أسعار الأسهم وزيادة ضعف الشاقل مقابل العملات الأجنبية، مما يجعل الواردات والسفر أكثر تكلفة.