السياسي – تسلم مكتب رئيس الوزراء البريطاني ستارمر عريضة قانونية تطالب المملكة المتحدة بتحمل مسؤوليتها عن “انتهاكاتها المتكررة للقانون الدولي”، بما في ذلك جرائم الحرب التي ارتكبت خلال الاحتلال البريطاني لفلسطين بين عامي 1917 و1948.
العريضة قام بتسليمها صاحب المبادرة رجل الأعمال الفلسطيني منيب رشيد المصري البالغ من العمر 91 عاما.
وتتكون العريضة من 400 صفحة وتتضمن وثائق أعدها فريق من المحامين والخبراء بقيادة بن إميرسون .وهي تسجّل “أدلة دامغة” على أن بريطانيا انتهكت المعايير القانونية الدولية في فلسطين وتفصِّل عمل بريطانيا “غير المشروع”، بما في ذلك إعلان بلفور عام 1917، وممارستها دور قوة احتلال خلال “الانتداب” الذي منحت نفسها إياه بلا أساس قانوني، وما تلاه من انتهاكات منهجية بحق الشعب الفلسطيني.
العريضة تظهر المعاناة الفلسطينية المستمرة التي تعود جذورها مباشرةً إلى انتهاكات بريطانيا للقانون الدولي أثناء فترة احتلالها وانسحابها. وتُلزم الحكومة البريطانية بالرد وإلا قد تواجه مراجعة قضائية أمام المحاكم.
وعن كل هذا التحرك وجه صاحب المبادرة منيب رشيد المصري رسالة إلى الشعب الفلسطيني والعالم قال فيها: “أيها الشعب الفلسطيني الحر الأبي، شعب الصمود الذي يواجه منذ أكثر من قرنٍ الظلم والتشريد والقتل والتدمير، نقف اليوم على أعتاب محطة تاريخية جديدة، نرفع فيها صوتنا عاليًا من أجل العدالة”.
وأضاف “منذ وعد بلفور المشؤوم عام 1917 وحتى نكبة 1948، ارتكبت بريطانيا سلسلة من الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، خلّفت مأساة ما زال شعبنا يدفع ثمنها حتى يومنا هذا، واليوم، ومع انطلاق حملة “بريطانيا تحمل دينًا لفلسطين”، نطالب المملكة المتحدة بالاعتراف بمسؤوليتها التاريخية، وتقديم اعتذار صادق، وتعويض عادل لشعبنا الفلسطيني.”
وأكد المصري أن “هذه الحملة ليست صوت الفلسطينيين وحدهم، بل هي صدى لكل أحرار العالم الذين يؤمنون بالعدالة والكرامة الإنسانية، ورسالة مشتركة مع أصوات يهودية حرّة تؤمن بالتعايش والسلام على هذه الأرض”.
وشدد قائلا: “إننا نسعى لإرساء نموذج عالمي قائم على القيم الإنسانية الخالصة، عالم جميل بلا حروب ونزاعات، بلا أوبئة وتشريد، وبلا حدود مصطنعة. واليوم، نقول للعالم أجمع: لقد آن الأوان أن تتحمل بريطانيا مسؤوليتها عن قرنٍ من المعاناة، وأن تبدأ مسار الاعتراف والاعتذار والتعويض للشعب الفلسطيني الحر”.
الجدير بالذكر أن العريضة القانونية التي تم تقديمها إلى الحكومة البريطانية، تجمع بين الأدلة الأصلية الدامغة لانتهاكات بريطانيا، وتختبرها وفق المعايير القانونية الدولية التي كانت ملزمة بها في ذلك الوقت (بما يشمل: قانون الاحتلال وفق لوائح لاهاي 1899/1907، وقانون الانتداب وفق ميثاق عصبة الأمم 1919، وحظر جرائم الحرب وانتهاكات الاعتبارات الإنسانية الأساسية الواردة في اتفاقيات لاهاي والقانون الدولي العرفي، وأخيرًا قانون الأمم المتحدة وفق ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945).
من خلال هذا الإطار، تكشف العريضة عدة مستويات من الانتهاكات القانونية، ومنها القمع غير المشروع للسكان الفلسطينيين خلال ثورة 1936–1939 عبر فرض “أحكام عرفية” أفضت إلى نمط واسع من القتل، والتعذيب، والاضطهاد، والاعتقال التعسفي، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ووفقا لما جاء في العريضة تتحمّل بريطانيا المسؤولية الأساسية عن التخلي عن وحدة إقليم فلسطين وتقسيمه، ذلك الإقليم الواحد الموحّد الذي احتلته عام 1917، بعد أن شجّعت على فكرة التقسيم كحلّ للانقسامات المستعصية التي كانت هي نفسها قد غذّتها. وقد كانت بريطانيا تتوقّع، لكنها لم تفعل شيئاً إطلاقاً لمنع الفظائع وعمليات طرد الفلسطينيين التي ارتكبتها الجماعات الصهيونية المسلّحة، والتي بلغت ذروتها في النكبة.