تتجه الأنظار إلى جلسة المجلس المركزي لمنظمة التحرير المقررة في 23 و24 من الشهر الجاري في رام الله، في ظل متغيرات سياسية سريعة، منها الحديث عن تعيين منصب نائب لرئيس السلطة، ونائب لرئيس منظمة التحرير.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية رمزي رباح لبرنامج “شد حيلك يا وطن” إن انعقاد المجلس المركزي في هذا التوقيت يحمل أهمية كبيرة في ظل التطورات الراهنة، خاصة مع استمرار العدوان على غزة. وأضاف أن هذا الاجتماع تأخر لمدة عام ونصف وكان يجب أن يُعقد في وقت أبكر. وأوضح أن المجلس المركزي هو الهيئة التشريعية الوطنية التي تتخذ القرارات وترسم السياسات الفلسطينية.
وأشار إلى أن الوضع الحالي يشهد تحديات كبيرة، ليس فقط على مستوى الحقوق الوطنية، بل أيضًا على تهديد الوجود الفلسطيني بسبب التهجير الجماعي. وأكد أن من أبرز متطلبات المرحلة هو وقف العدوان في غزة والضفة الغربية، كما شدد على ضرورة وضع خطة شاملة للمواجهة تشمل استنهاض الدعم الدولي والضغط السياسي.
وأكد رباح، في حديثه عن الأزمة الداخلية الفلسطينية، أن الانقسام يشكل عائقًا كبيرًا أمام بناء مقاومة فاعلة. وشدد على ضرورة توحيد الصف الفلسطيني كشرط لمواجهة العدوان الإسرائيلي وتحقيق الصمود. كما أشار إلى أن قضية الانقسام تمثل تحديًا رئيسيًا أمام المجلس المركزي، مطالبًا بتصدي واضح لها.
وأوضح رباح أن المجلس المركزي يجب أن يعمل على رسم سياسات وطنية لتعزيز الوضع الفلسطيني في مواجهة المخططات الإسرائيلية، والتي تهدف إلى تصفية السلطة الفلسطينية وتفكيكها. وأشار إلى ان تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموترتش التي تعكس هذه المخططات.
وأكد أن إنهاء الانقسام ضروري لبناء مقاومة شاملة وفعالة، وأن استمرار الانقسام يسمح للاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية بتطبيق مخططاتهما. كما لفت إلى الضغوط الأمريكية الهادفة لمنع استعادة الوحدة الفلسطينية، داعيًا إلى تفعيل الحوار الوطني الشامل وتنفيذ التفاهمات السابقة، مثل اتفاق بكين، لتعزيز الموقف الفلسطيني.
وقال إن المجلس المركزي يجب أن يتخذ خطوات ملموسة لإنهاء الانقسام، لأن الوحدة الوطنية هي الحل الوحيد لمواجهة التحديات المصيرية ولتفادي خيبة الأمل في صفوف الشعب الفلسطيني.
وفيما يتعلق بغياب بعض الفصائل عن اجتماع المجلس المركزي، أكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، رمزي رباح، أن هذا الغياب يبرز التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني ويؤكد أهمية استعادة الوحدة الوطنية بشكل عاجل.
وأوضح أن الوضع الدولي عاجز والوضع العربي ضعيف أمام سياسات الاحتلال، مما يجعل العامل الفلسطيني هو الرهان الحقيقي في الدفاع عن الأرض والحقوق الوطنية. وأشار رباح إلى أن استعادة الوحدة الوطنية تشكل جوهر المواجهة مع الاحتلال، وأن ذلك يتطلب استراتيجية وطنية تشمل الميدان والسياسة وكافة أشكال المقاومة.
وأضاف رباح أن المشروع الإسرائيلي يسعى لفرض السيطرة على الضفة الغربية، بما في ذلك ضم الكتل الاستيطانية في مشروع “القدس الكبرى”، الذي يهدد بفصل جنوب الضفة عن شمالها.
كما تحدث عن التوسع الاستيطاني في الأغوار والخليل، محذرًا من تهديده لما يزيد عن 60% من أراضي الضفة ، وأكد أن الفلسطينيين ليس لديهم خيار سوى بناء مقاومة شاملة وإعادة الوحدة الوطنية لمواجهة هذه المخططات، مشددًا على أن استمرار الانقسام ليس له أي مبرر وضرورة استعادة الوحدة من خلال منظمة التحرير الفلسطينية.
وحول تعيين نائب لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، شدد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، رمزي رباح، على أن هذه الخطوة ليست جديدة، بل طُرحت منذ سنوات ضمن ما وصفته الإدارة الأمريكية بـ”إصلاحات السلطة الفلسطينية”. وأشار إلى أن وزير الخارجية الأمريكي السابق، أنتوني بلينكن، كان قد ذكر في 2021 ضرورة تعيين نائب، وهو ما تكرر لاحقًا في ورقة “النقاط التسع” التي سلمت للقيادة الفلسطينية، مشددًا على أن هذه المقترحات تتماشى مع ترتيبات أمريكية مستقبلية ولا ترتبط بإنهاء الاحتلال.
وأكد رباح أن تعيين نائب للرئيس إذا كان نتيجة لضغوط خارجية وليس نابعًا من إرادة وطنية فلسطينية، فلا يستحق كل هذا الاهتمام، وأن أي تعديل في النظام السياسي يجب أن يُناقش في حوار وطني شامل. وأشار إلى أن المادة 18 من النظام الأساسي لمنظمة التحرير تسمح باستحداث مسؤوليات جديدة، ولكن هذه الخطوة لم تُبحث بشكل جدي داخل اللجنة التنفيذية.
كما لفت رباح إلى أن مؤسسات منظمة التحرير تعاني من ترهل وتراجع في الأداء، مشيرًا إلى أن المجلس المركزي لم ينعقد منذ ثلاث سنوات رغم النصوص التي تقتضي اجتماعه كل ثلاثة أشهر، مما يعكس أزمة تنظيمية تحتاج إلى إصلاح شامل.
وكانت الجبهة الديمقراطية قد اكدت أن انعقاد المجلس المركزي يتم في ظرف وطني استثنائي يتطلب مخرجات وقرارات تتناسب مع التحديات الكبيرة التي يواجهها الشعب الفلسطيني جراء الحرب المفتوحة في قطاع غزة والضفة الغربية. وأوضحت الجبهة أنه إذا لم ترتقِ مخرجات المجلس إلى هذا المستوى، ستكون مخيبة للآمال.
وفي هذا الإطار، قال عضو المكتب السياسي للجبهة، رمزي رباح، إن الجبهة تجري حوارات مع حركة فتح وفصائل أخرى، بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الأهلية، للتشاور قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن المشاركة في اجتماع المجلس. وأكد أن الجبهة وضعت محددات أساسية لضمان أن يسير الاجتماع في الاتجاه الصحيح، مع التأكيد على ضرورة اتخاذ موقف وطني موحد لوقف العدوان الإسرائيلي ورفع معاناة الشعب الفلسطيني، ووقف حرب الإبادة والتهجير.
وأشار رباح إلى أن الشعب الفلسطيني يملك حق مقاومة الاحتلال بكافة الأشكال وفقًا للقانون الدولي، وأن المقاومة الشاملة هي ضرورة وطنية. كما شدد على رفض أي إملاءات خارجية تتعلق بسلاح المقاومة، مؤكدًا أن المقاومة هي جزء من النسيج الوطني الفلسطيني.
وأضاف رباح أن قضية إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية باتت في مرحلة متقدمة، خصوصًا مع القرارات غير المنفذة من المجلسين الوطني والمركزي، إلى جانب الاتفاقيات والتفاهمات السابقة مثل “اتفاق بكين” الذي حدد الأهداف الوطنية والسياسية وأشكال النضال ضمن إطار جامع ومرجعية وطنية موحدة.
ولفت رباح إلى أن من أبرز الاستحقاقات المطروحة أمام المجلس المركزي اليوم هو تنفيذ قراراته السابقة، خصوصًا ما يتعلق بإلغاء التنسيق الأمني ووقف العلاقة مع الاحتلال، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني والوحدة الوطنية، وتفعيل أدوات النضال والمقاومة. وقال إن هذه القضايا ليست بنودًا إضافية على جدول أعمال المجلس، بل استحقاقات مؤجلة بات لزامًا التعامل معها بآليات تنفيذية واضحة ومباشرة.
وفيما يتعلق بنتائج الحوارات التي تجريها الجبهة مع القوى الوطنية، أوضح رباح أن هناك مؤشرات إيجابية نحو التوافق على ضرورة صون منظمة التحرير الفلسطينية ككيان وطني جامع، وتحقيق شراكة حقيقية تشمل كافة القوى، بما في ذلك حركتي حماس والجهاد الإسلامي، تعزيزًا لوحدة الصف الوطني الفلسطيني في وجه المخططات الإسرائيلية–الأمريكية.
وأشار إلى أن التصريحات الأخيرة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو كشفت أهداف هذه الحرب، والمتمثلة في السيطرة الأمنية الكاملة على قطاع غزة، ونزع سلاح المقاومة، وترحيل قياداتها، وفرض وقائع سياسية جديدة تؤدي في أفضل الأحوال إلى حكم ذاتي معزول، وهو ما يعني إسقاط خيار الدولة وحل الدولتين من أجندة الاحتلال.
وختم رباح بالتأكيد على أن الشعب الفلسطيني ما يزال صامدًا ومتمسكًا بأرضه وحقوقه رغم كل محاولات الإخضاع والتهميش، منوها ان “هناك أزمة حقيقية في القيادة والبرنامج الوطني، وهي أزمة لا يمكن تجاوزها إلا عبر إصلاح سياسي شامل يبدأ من المجلس المركزي، وإلا فإن خيبة الأمل ستكون كبيرة، خاصة إذا اقتصر الاجتماع على قضايا إجرائية، في وقت تتعرض فيه القضية الفلسطينية لتهديدات وجودية تمس مستقبلها بالكامل”.