الادارات الأميركية المتعاقبة، ومنذ تأسيس الولايات المتحدة على أنقاض اجتثاث ما يزيد عن 105ملايين من سكان البلاد الأصليين، وهي تنتج العنف والإرهاب داخل حدود البلاد، ضد السود والملونين وحتى ضد البيض الذين تصدوا ورفضوا سياسات وانتهاكات الإدارات المختلفة، وخارج الحدود حيث ارتكبت كماً غير مسبوق من الانتهاكات وجرائم الحرب ضد شعوب اميركا الجنوبية في القرنين 18 و19، ثم وسعت نطاق وحشيتها وجرائم حروبها في القرن العشرين وحتى الان في القرن ال21 في العالم ككل، وكان نصيب الوطن العربي عموما وفلسطين خصوصا الأعلى من الإرهاب الأميركي المعلن، وغير المسبوق على الشعب الفلسطيني وحقوقه السياسية والقانونية، وبدا ذلك مع اسهام واشنطن في تأسيس دولة الاستعمار الإسرائيلية منذ كانت فكرة، وتوالى دعمها غير المشروط للدولة اللقيطة على مدار تاريخ الصراع الطويل، وتعمق يوما تلو الاخر من خلال قيادتها المباشرة للحرب على الشعب الفلسطيني، والذي تجلى في الإبادة الجماعية بهدف حماية اداتها الوظيفية والخارجة على القانون، دولة صهاينة اليهود الخزر غير الساميين، وتتعمق كل لحظة مع تولي إدارة الرئيس دونالد ترمب مهامها في 20 كانون ثاني / يناير 2025، أي قبل أقل من شهرين عبر سلسلة طويلة من الانتهاكات المعلنة ضد قيادة منظمة التحرير والشعب والمصالح الوطنية العليا، وبالمقابل توسيع وتعميق ملفات الدعم المطلق لإسرائيل الخارجة على القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
ومن بين الإجراءات العنصرية التي انتهجتها الإدارة الجديدة القديمة، الايعاز لفريق مكافحة ما يسمى بكذبة “معاداة السامية” باتخاذ إجراءات ل”حماية الطلاب اليهود” في الجامعات الأميركية، وخاصة جامعة كولومبيا، في افتراء على الحقائق والواقع. لان غالبية الطلاب من اتباع الديانة اليهودية شاركوا في الدفاع عن الحقوق الوطنية الفلسطينية، ورفضوا الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، وكانوا على رأس المظاهرات المناوئة لسياسات ومواقف الولايات المتحدة الداعمة للدولة النازية، وبالتالي الادعاء بانها تهدف الى حماية الطلاب اليهود، ليست سوى تلفيق واكاذيب للتغطية على عنصرية فاجرة ومفضوحة، ولا تمت للواقع والشواهد بصلة.
ولم تتوقف عند حدود ما تقدم، بل قامت وزارة التربية والتعليم بالتلازم مع وزارة الخارجية والأجهزة الأمنية المختلفة تحت قيادة الرئيس ال47 بإلغاء التمويل عن جامعة كولومبيا، في سابقة خطيرة تهدد مستقبل واحدة من اهم الجامعات الأميركية، حيث تقدر المساعدات الفيدرالية للجامعة بخمسة مليارات دولار. ويمثل التمويل الخطوة الأولى من الإجراءات العنصرية، حيث ستليها عقوبات أخرى اشد وطأة وتأثيرا على الجامعة ومكانتها العلمية، وبذريعة “معاداة السامية”، وتقاعس الجامعة عن مواجهة مضايقات الطلاب اليهود.
واعلن ماركو روبيو، وزير الخارجية أمس الاثنين 9 اذار / مارس الحالي على منصة “اكس”، ستقوم الوزارة والإدارة بإلغاء تأشيرات الدخول للولايات المتحدة، أو البطاقات الخضراء (القرين كرت) لمؤيدي حماس، وهو يقصد مؤيدي الشعب العربي الفلسطيني، لا سيما وانه يفاوض حركة حماس، وكون الصراع مع الشعب كله، وليس مع حماس، وبالتالي تلفيقات واكاذيب وزير الخارجية واركانها جميعا، لا تنطلي على أحد، ولا تقنع أي مراقب ومطل على خلفيات السياسيات الأميركية المسكونة بالعنصرية والمنتجة للإرهاب والابادة الجماعية، وحامية إسرائيل اللقيطة.
ومن بين الأسماء التي اعتقلتها السلطات الأميركية بذريعة المشاركة في فعاليات جامعة كولومبيا، طالب الدراسات العليا الناشط الفلسطيني محمود خليل من شقته، والتي لا تبعد سوى عدد من مبان عن حرم الجامعة في مانهاتن، وقاموا مباشرة بإلغاء البطاقة الخضراء، كمقدمة لترحيله من الولايات المتحدة، وهددوا زوجته الأميركية بالاعتقال، رغم انها حامل في الشهر الثامن ، حسب “وكالة اسوشيت برس” والحبل على الجرار، والأيام حبلى بما قد تحمله من انتهاكات لحقوق الانسان عموما والطلاب خصوصا، التي تتجلى بنماذج جديدة قديمة من العنصرية الأميركية المتوحشة والمنفلتة من كل عقال قانوني أو انساني.
ومع ذلك، يدعي ترمب وأركان ادارته، انهم يريدون “صنع السلام” في العالم؟ ولا اعرف عن أي عالم يتحدث الرجل وازلامه الذين يعممون الفوضى والإرهاب والبلطجة على دول العالم قاطبة، باستثناء الخندق الامامي للأمبريالية الأميركية، دولة إسرائيل النازية. لكن من يعرف الولايات المتحدة، لم يتفاجأ، لأن زعماء اميركا جميعهم، يتحدثون ببلاغة شديدة عن الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، وحق تقرير المصير للشعوب، ولكنهم على النقيض من ذلك في الممارسة العملية، فهم اشد وأقسى دول العالم انتهاكا للحقوق السياسية للشعوب والدول، والأكثر عداءً لحقوق الانسان، والأشد غطرسة ووحشية في سحق حق تقرير المصير للشعوب، حتى التي لها دول ومستقلة، والامثلة بائنة وجلية ومن على لسان ترمب نفسه، فهو هدد كندا وبنما وغرينلاند الدنماركية بالضم، والشعب الفلسطيني هدده بالتطهير العرقي لاقامة ريفيرا على سواحل غزة المبادة من قبل قواته واساطيله الأميركية ودولة المرتزقة الإسرائيلية. الامر الذي يتطلب من القوى الحية الأميركية ودول العالم تجييش تحالف عالمي لكبح جماع السياسات العنصرية الأميركية، وحماية العالم من حرب عالمية باتت نذرها قاب قوسين او أدنى.
