لا ينفك قطب العقارات، المتيّم بحب المال وإبرام الصفقات، عن الإدهاش، كلما أطل على مسرح الحياة، إنْ عبْر نافذته الحصرية في بيته الزجاجيّ المفتوح في العالم الافتراضي، أو من خلال ابتسامته اللزجة وكلماته الخشنة الجارحة لضيوفه، الذين يُفاجئهم في مصيدته على طاولته بحضور جمهوره من كبار حوارييه من وزرائه ومستشاريه، الذين يعينونه على تطويع من يتجرأ على مناكفته أو ينكر عليه الشكر والعرفان على مكرماته.
كما عرفناه منذ اليوم الأول لولايته الثانية، فإنه لا يفتأ يقول الشيء ونقيضه، ويواصل تقديم الوعود كمثل عرقوب، ويتلهف على نيل نوبل ليغسل سمعته ويدفن ما علق في أذهان معارضيه من سوابق ماضيه.
آخر ما حرر من شطحاته الاجتماعٍ الذي عقده أمس في البيت الأبيض، وخصصه لمناقشة “اليوم التالي” في غزة، بحضور الثنائي بلير وكوشنر، ما يعزز المخاوف من عودة مشروع ريفييرا ترمب إلى الواجهة، وكان ترمب استبق الاجتماع بتصريح مفاجئ يُنبئ بأن الحرب على غزة تحتاج ما بين ثلاثة إلى أربعة أسابيع، غير عابئ بالمجوّعين والمهجّرين، الذين تُقاس حياتهم بالدقائق والثواني، فهو يُرخي حبل الوقت للجوارح لتُنهي مهمتها على أقل من مهلها.
أمس أطلق ويتكوف تصريحًا مثيرًا للجدل بقوله إن ترمب هو الأكثر جدارةً بجائزة نوبل للسلام منذ تأسيسها، فلو أنّ رجل الأعمال الطارئ على مضمار السياسة قال إن ترمب هو الأجدر باستحداث جائزة نوبل للإبادة، لَكُنّا وافقناه.
حديث ويتكوف عن حاجة ترمب لنوبل للسلام، وتعلقه الدائم بها، ورغبته الجامحة في الحصول عليها، يُذكّرنا بعبارة برنارد شو الشهيرة التي ردّ فيها على كاتبٍ معتدّ بنفسه قال له: “أنا أفضل منك، فأنا أكتب بحثًا عن الشرف، أما أنت فتكتب بحثًا عن المال”، فرد برنارد شو بسخريته اللاذعة قائلًا: “صدقت، كلٌّ منا يبحث عما ينقصه”.
