عودة بينيت و ساعة الحساب – ماذا ينتظر نتنياهو بعد الحرب

السياسي –  تقترب “ساعة الحساب” بالنسبة لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مع نهاية الحرب في غزة، في مقابل استعادة منافسه، رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، حضوره القوي على الساحة السياسية، مدعوماً باستطلاعات الرأي.

ووفق تقرير لصحيفة “لوموند” الفرنسية، فإن نتنياهو سيضطر إلى تحمل مسؤولية الفشل الأمني الكبير الذي أدى إلى اندلاع الحرب، بعد هجمات حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

كما سيواجه نتنياهو “محاسبة شعبية”، خلال الانتخابات القادمة بسبب إطالته للحرب، مخالفاً رغبة الرأي العام الإسرائيلي الذي كان يعطي الأولوية لإعادة الأسرى، حيثُ فضّل هدفه الخاص بـ “القضاء التام” على حركة حماس، مما أدى إلى دوّامة من العنف.

وتآكل الإجماع الوطني تدريجياً في إسرائيل بعد عام 2024، وهو ما تجلى في تراجع الرغبة في الخدمة في قوات الاحتياط، ففي البداية، انضم الجنود بأعداد كبيرة، لكن فيما بعد لم يلتحق سوى 60% منهم، مما أثار مشاكل عملياتية وفقاً لـ “لوموند”.

وفي الأشهر الأخيرة من الحرب، وبعد عزلة دولية غير مسبوقة، وتصريحات نتنياهو المتحدية بتحويل إسرائيل إلى “إسبرطة عظمى”، أي دولة مسلحة في حالة حرب دائمة، واجه رئيس الوزراء غضباً شعبياً كبيراً ظهرت نتائجه في استطلاع رأي أجراه مؤخراً مؤشر السلام.

ووفقاً للاستطلاع، فلو أجريت الانتخابات اليوم، سيفقد الائتلاف الحالي، المكوّن من الليكود والأحزاب الدينية أغلبيته، منخفضاً إلى 49 مقعدًا من 120 في الكنيست، مقارنة بـ68 حالياً.

وترى “لوموند” أن هذا “التدهور” لا يعود إلى انهيار الليكود بحسب، بل إلى إعادة هيكلة اليمين القومي، مع عودة “بينيت” إلى السياسة، والذي شغل منصب رئيس الوزراء بين 2021 و2022 من صفوف الصهيونية الدينية، ونجح سابقاً في تشكيل ائتلاف متنوع من ثمانية أحزاب، من القوميين المتدينين إلى حزب العمل، لكنه انهار بسبب الانقسامات الداخلية.

وتشكّل عودة “بينيت” أكبر تحد أمام رغبة نتيناهو في استكمال حياته السياسية، فهو الأوفر حظاً لقيادة المعارضة الإسرائيلية، كما تعتقد صحيفة “معاريف” العبرية أن رئيس الوزراء الحالي سيكون في وضع أصعب في حال خاض بينيت الانتخابات المتوقعة في 2026.

وستكشف فترة ما بعد الحرب عن موقف حرج لنتنياهو وحكومته، إذ استقال حتى الآن فقط المسؤولون الأمنيون مثل رؤساء المخابرات العسكرية والأمن الداخلي ورئيس الأركان، مستخلصين دروساً من “الكارثة الأمنية” في 7 أكتوبر.

لكن التحدي الآن سيكون عبر محاسبة السياسيين، ربما من خلال لجنة تحقيق حكومية، وإن كانت الحكومة رفضت تشكيلها في مايو/ أيار الماضي، فإن المساءلة السياسية تتطلب انتخابات جديدة، ربما قبل موعدها.

لكن التأثير بعد الحرب لن يقتصر على نتنياهو، فبحسب “لوموند”، فإن المجتمع الإسرائيلي لا يزال يعيش تحت صدمة هجمات السابع من أكتوبر، وهو ما تجلى بانخفاض كبير في شعبية “حل الدولتين” خلال سنتي الحرب.

واليوم، قد لا يكون الوضع أسهل، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث يدعو بينيت إلى “إدارة الصراع” وضم 60% من أراضي الضفة الغربية التي تسيطر عليها إسرائيل.

ومن بين الحلفاء المحتملين، حزب أفيغدور ليبرمان القومي الناطق بالروسية، وحزب “الديمقراطيين” بزعامة يائير غولان، الصهيوني الوحيد المستعد لتسوية إقليمية مع الفلسطينيين.

ورغم توقع “لوموند” أن يُضفي رحيل نتنياهو وحلفائه الأكثر تطرفاً هدوءاً على إدارة شؤون الدولة، لكنه لن يكون كافياً للمضي في تسوية سياسية مع الفلسطينيين، إذ سيكون الدعم الدبلوماسي الخارجي ضرورياً لتحقيق ذلك.

كما تتوقع أن تستغرق إسرائيل وقتاً طويلاً للتعافي من الحرب، مع مجتمع يبحث عن توازن بين الأمن والسلام، وسط تغييرات سياسية قد تعيد تشكيل خريطة القوى الداخلية.