غزة إلى أين؟

بقلم : م.محمد العايدي

غزة أمام مفترق حاسم يفرض على كل فلسطيني أن يسأل بوضوح: ماذا نريد لمستقبلنا ومن يمثلنا حقًا؟ لا بد من القول بصراحة إن استمرار المسار الانعزالي الذي انتهجته بعض القوى قد أدخل القطاع في دورات متكررة من المعاناة دون تحقيق أي مكسب سياسي حقيقي للشعب الفلسطيني، ومن هنا تأتي دعوة فتح الحازمة لحماس لأن تضع مصلحة الشعب فوق كل اعتبار حزبي أو إقليمي، وتقبل بالانضمام الكامل إلى إطار المنظمة الوطنية الشرعية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية لتوحيد كل أدوات النضال السياسي والدبلوماسي والقانوني. التهدئة المؤقتة لا تعني نهاية الحرب، فالسياسات اليومية للحصار والاقتلاع والاعتقالات والقيود على الحياة الاقتصادية والاجتماعية تشكل استمرارًا لعدوان مختلف الشكل لكنه واحد في المضمون، ولذا لا يكفي التوقف عن إطلاق نار لحظةً هنا أو هناك بل يجب تحويل أي تهدئة إلى مسار سياسي جاد يبدأ برفع الحصار وفتح المعابر، وينتهي بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. من ناحية أخرى، لا بد من تصعيد العمل القانوني والدبلوماسي وتوثيق الجرائم والادعاءات وتقديمها أمام محكمة الجنايات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان؛ العدالة الدولية هي أداة لا بد من توظيفها لوقف الإفلات من العقاب وكشف المسؤوليات السياسية والعملية لمن يقودون سياسات القمع. وفي داخل الساحة الوطنية، لا نجاح لأي مسار دون وحدة حقيقية؛ وحدة تقودها مؤسسات منظمة التحرير، وتنسق برامجها ورسائلها، وتضع خطة وطنية شاملة تجمع بين الكفاح السياسي والقانوني ومعالجة قضايا المواطنين وتحسين ظروفهم المعيشية. أخيرًا، على كل الفصائل أن تبتعد عن الأجندات الخارجية وأن تضع إرادة الشعب فوق أي تأثير خارجي، لأن المواطن وحده هو صاحب الحق في تقرير مصيره، وبدون وحدة وطنية ومسار قانوني ودبلوماسي واضح لا يمكن تحويل معاناة غزة إلى خطوة استراتيجية نحو دولة حرة ومستقلة تحمي حقوق أبناء شعبنا وتحقق العدالة والكرامة