غزة بين نتنياهو وحماس… شراكة غير معلنة على حساب الوطن

بقلم: سامي إبراهيم فودة

جريدة الصباح الفلسطينية

يخدع نفسه من يظن أن المواجهة بين حكومة نتنياهو وحركة حماس هي صراع وجودي يهدف كل طرف فيه إلى إسقاط الآخر. فالتجربة والواقع يثبتان أن هناك توافقًا موضوعيًا غير معلن، بل تكاملًا وظيفيًا بين الطرفين، يلتقيان فيه على هدف واحد: إقصاء السلطة الوطنية الفلسطينية وتكريس الانفصال بين غزة والضفة الغربية.

نتنياهو أدرك مبكرًا أن بقاء حماس في غزة مصلحة استراتيجية له، فهي الحجة الذهبية أمام العالم: “لا يوجد شريك فلسطيني موحد للسلام”. وبذلك يتهرب من أي استحقاق سياسي أو مفاوضات جادة. أما حماس، فترى في استمرار سيطرتها على القطاع رهينة لهذا الواقع، وتدرك أن عودتها إلى حضن الشرعية الفلسطينية تعني نهاية مشروعها السلطوي، ولذلك تسعى بكل وسيلة لإضعاف السلطة وتشويهها، حتى لو كان الثمن مزيدًا من الدماء والحصار.

والنتيجة: غزة تُستنزف دمارًا وجوعًا وحصارًا، والضفة تُسحق يوميًا تحت بطش الاحتلال، بينما المشهد الفلسطيني يُدار وفق قواعد لعبة خطيرة: سلطة محاصرة في رام الله، وحكم فصيل في غزة، واحتلال يبتسم وهو يقطّع أوصال الوطن.

إن ما يجري ليس مجرد خلاف سياسي داخلي، بل مخطط استراتيجي خطير يهدف إلى إبقاء غزة منسلخة عن الضفة، وتحويلها إلى كيان منفصل لا يخضع للشرعية الوطنية. وهنا تتجلى خطورة التوافق غير المعلن بين نتنياهو وحماس، إذ يلتقيان – رغم لغة الدم والعداء – في هدف مشترك: إجهاض المشروع الوطني الفلسطيني وتفريغ حلم الدولة المستقلة من مضمونه.

اليوم، تقع المسؤولية التاريخية على عاتق اللجنة الوطنية والقوى الحية في الشعب الفلسطيني لرفض هذه المعادلة الكارثية. المطلوب هو استعادة الوحدة الوطنية كخيار استراتيجي لا بديل عنه، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير باعتبارها الإطار الجامع.

الوطن أكبر من فصيل، وفلسطين لن تكون إلا موحدة.