غزة تحترق – يأس من نصرة عربية وغضب يعم الحسابات – شاهد

السياسي – تفيض حسابات الغزيين غضبًا، لا على عدوٍ يقصفهم فحسب، بل على صديقٍ انكمش في صمته، وغرق في بيان خجول، أو تغريدة مائعة، أو تعاطف ظرفي مشروط، يشعر الغزيون أن خذلانهم صار علنيًا، بلا أقنعة، أنّهم وُضِعوا على طاولة المقايضة، وأوراق الضغط، والتسويات الفاشلة.

في غزة، لا وقت لترف الحزن، هنا الحزن عاريًا، دامغًا، لا يمرّ مرور الكرام، هنا لا يموت الناس بهدوء، بل يُقتَلون على مرأى شاشات العالم، وصمت منابر، ووجوه أشقّاء بلُغتين: لغة الإنكار، ولغة التواطؤ.

وإن كان خذلان العرب موجعًا، فإنّ خذلان القريب أشدّ، في غزة، ينكسر القلب كلما غابت الضفة، كلما صمت الداخل الفلسطيني المحتل، كلما أُسدل الستار عن صرخةٍ تنتظر صوتًا يُكملها من الجهة الأخرى للسلك.

أين أنتم؟ كان من المفترض أن نكون كتفًا بكتف، جدارًا واحدًا لا ينهار، لكن الجدار تهاوى، ليس بفعل العدو وحده، بل بفعل غياب المدد من أهل البيت، الخذلان حين يأتي من أبناء القضية، يكون طعنه أعمق، ليست المطالبة ببطولة، بل بحضور، حضورٍ يُشعر غزة أنها ليست وحدها في هذا الجمر.

لماذا لم تفتح المعابر؟، لماذا لم يُرفَع الحصار؟، لماذا لم يتحرّك أحد حين استُبيحت المستشفيات؟ أسئلة تقطر من أفواههم كدماء الجرحى، وتُكتب بلهجة مرّة في تغريداتهم: أين أنتم؟

ما عادت غزة تنتظر الجيوش، ولا تعوّل على القمم، هي فقط تطالب بحقّها في الحياة، في ألا تُباد بينما العرب يفاوضون على الهدوء، في أن تُسمع صرخاتها، لا أن تُترجم إلى “بيان قلق”.

الغزيون لم يعودوا يثقون في لغة المجاملات، يريدون فعلًا، ولو فعلًا واحدًا، بلا مصلحة ولا ثمن، يريدون موقفًا لا يخشى المنصّات، ولا يرتعش من تصنيفات الغرب، يريدون كسر الحصار، لا إطالة أعمار البيانات.

غزة الآن، مدينة تحترق وتجلد الضمير العربي بسؤالٍ بسيط: كم من الموت نحتاج لنستحقّ وقفتكم؟

مشاعر الناس الغاضبة، الناجية من ليلة دامية اختلط فيها صراخ الأطفال تحت الركام، بنداءات الاستغاثة التي لم تجد من يُنقذها، كل من خرج حيًّا من المجزرة، خرج محمّلًا بسؤالٍ واحد: لماذا تُركنا وحدنا؟.

f8737c66-b863-456b-814c-261838200fd5.jpg

d74ab37d-358a-4e30-b3ce-90ef4bbfd5f5.jpg

66fd01a2-e8ad-48c1-aaf3-0bf85e54596b.jpg

صرخاتهم الرقمية تُرعب أكثر من صوت القصف، لأنها تعرّي الصمت العربي، وتفضح الذين اكتفوا بالمشاهدة من وراء الشاشات، الخذلان لا يأتي فقط من البعيد، بل من أولئك الذين لطالما تغنوا باسم القضية، ثم غابوا عند أول اختبار حقيقي.

b25e3120-4773-4cea-8dca-d49dc3fc4b0d.jpg

565130c1-cb19-4f64-915b-e59f7558e6d4.jpg

a29cce00-f80a-466e-9686-44bb9d318b1a.jpg

8d230a14-22bf-4c70-beff-1045c2bd0bc1.jpg

96d29e33-3823-47ec-ac47-41d04f3dfcd8.jpg

4d13f599-7652-4207-8e10-8164b88651e2.jpg

نفّذ جيش الاحتلال الإسرائيلي مجازر دموية في مدينة بيت لاهيا ومخيم جباليا شمالي قطاع غزة، منذ منتصف ليلة الجمعة، أسفرت عن استشهاد أكثر من 115 فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال، إلى جانب ارتقاء عشرات المفقودين واعتقال عدد من المدنيين.

كل شهيد في هذا الفيديو ليس فقط ضحية القصف، بل ضحية خذلان طال أمده، دماؤهم تسيل وسط صمتٍ مريب، وأصوات الاستغاثة تُقابل بتجاهل وتراخٍ من كل من كان بإمكانه الوقوف إلى جانبهم.

هذا الفيديو هو شهادة حية على وجع شعب يُترك يموت ببطء، وسط وعودٍ تتبدد وصمتٍ يُفقد معنى الإنسانية، غزة تحترق، والخذلان يزداد عمقًا مع كل لحظة صمت.