السياسي – باتت الخيام القماشية في قطاع غزة، فصولا دراسية جديدة بديلة عن المدارس المدمرة، يواصل الطلبة فيها تعليمهم، متحدين حالة الانهيار التي يعاني منها القطاع التعليمي في قطاع غزة، على إثر حرب الإبادة الجماعية.
وأتت حرب الإبادة الجماعية التي نفذتها قوات الاحتلال على المدارس والجامعات والمؤسسات التعليمية والتربوية، فدمرتها وأحالتها إلى أكوام من الركام، بعد أن كانت منارات للعلم.
وتشير تقديرات اليونسكو ووزارة التربية والتعليم الفلسطينية إلى أن أكثر من 93% من المدارس في قطاع غزة بين تدمير كلي أو جزئي. فيما النذر اليسير من المدارس المتبقية تحولت إلى مراكز إيواء للنازحين.
مبادرات أهلية لإعادة التعليم
ورغم ذلك، برزت مبادرات شعبية وأهلية لإنشاء مدارس مؤقتة من الخيام منذ الأشهر الأولى لحرب الإبادة الجماعية التي ضربت قطاع غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وتعززت هذه المبادرات التي يقودها أكاديميون ومدرسون، متخذين من وقف إطلاق النار في الـ11 من الشهر الماضي، فرصة ومحاولة لإعادة الحياة التعليمية المنهارة في قطاع غزة.
بين هذه المبادرات، “مدرسة العودة” المقامة من مجمع خيام في حي تل الهوى جنوب غزة، والتي أنشأت بجهود محلية قادها الأكاديمي، نهاد بدرية، مساعد رئيس جامعة فلسطين وعميد كلية التربية سابقًا، رفقة مجموعة من الكوادر التعليمية التي بادرت إلى إنشاء فصول دراسية من الخيام.
يقول بدرية إن هناك انتشارا انتشار لفكرة إنشاء “مدارس الخيام” لأنه لا بديل عنها، فقد عمد الاحتلال إلى تدمير المؤسسات التعليمية المختلفة كأحد الأهداف من حرب الإبادة، في محاولة لتجهيل و”إعدام” هذا الجيل في قطاع غزة، مؤكدا تدمير ما يزيد عن 577 مدرسة تقريبا، ما بين تدمير كلي وجزئي منها 111 مدرسة دمرت تدميرا كليا.
وهذا يعني- وفق بدرية- أن أكثر من 700 ألف طالب وطالبة حرموا من الانتظام على مقاعد الدراسة خلال السنتين الماضيتين بفعل آلة الحرب الهمجية الإسرائيلية، التي دمرت المدارس والبنية التحتية للتعليم حتى طال الأمر رياض الأطفال والمعاهد والمدارس والجامعات والكليات على حد سواء، مشيرا إلى أن هناك مدارس آيلة للسقوط أو أصيبت بأضرار بالغة تحولت إلى مراكز لإيواء النازحين بسبب تدمير البيوت، وهذا هو الواقع الفعلي والحقيقي حتى هذه اللحظة للقطاع التعليمي.
محاولات مبكرة
ورغم قتامة المشهد، والظلام الحالك الذي ضرب كل شئ في القطاع، أكد الأكاديمي بدرية أن إرادة المعلم الفلسطيني تجلت حين قرر العديدون منهم قيادة مبادرات لإنشاء مدارس مؤقتة، كان أولها في رفح، حين أنشأت مدرسة العودة لتعليم الطلاب النازحين في المدينة عام 2024، بـ”جهود ذاتية ومجتمعية من أهل الخير والعطاء من الأصدقاء والزملاء”.
وعن ذلك قال بدرية: “لم ننتظر وقف إطلاق النار، ففي نيسان/ أبريل 2024 انطلقنا تحت القصف والرصاص وهدير الطائرات في رفح وافتتحنا أول مدرسة على مستوى قطاع غزة تحت اسم مدرسة العودة، وأقيمت في أقصى جنوب غرب مدينة رفح في مواصي رفح”.

وأضاف: “كان يرتاد المدرسة 1700 طالب وطالبة ولكن بفعل الاجتياح والاحتلال الغاشم، انتقلنا إلى المحافظة الوسطى في مدينة دير البلح، حيث استأنفنا العمل هناك وقدمنا الخدمة لما يزيد عن 1800 طالب وطالبة. من الصف الأول الابتدائي وحتى الثانوية العامة”.
نقل “مدرسة العودة”
كان وقف إطلاق النار الذي سرى في شباط/ فبراير مطلع هذا العام، حين عاد المهجّرون من جنوب القطاع إلى شماله، فرصة جديدة لنقل التجربة إلى مدينة غزة، فقد انتقلت تجربة “مدرسة العودة” إلى حي تل الهوى جنوب مدينة، حيث يتلقى التعليم الآن داخل الفصول الدراسة المصنوعة من الخيام، ما يقارب من 1750 طالبا وطالبة ينتظمون على مقاعد الدراسة.
وعن ذلك يشرح بدرية: ” قسمنا الأسبوع إلى ثلاثة أيام للذكور وثلاثة للإناث حتى نستطيع أن نغطي أكبر قدر ممكن من تقديم الخدمة التعليمية المجانية وبناتنا الطلبة (..) هذه الجهود المجتمعية التي انطلقت ضمن المبادرات الفردية والمجتمعية تسهم إسهاما كبيرا في معالجة الأزمة في التعليم، على اعتبار أن التعليم هو حق مكفول للجميع”.
وشدد على أن هذه الجهود تتضافر الآن لإعادة الطلبة إلى مقاعد الدراسة، سواء في قطاعات التعليم الخاص أو المبادرات الفردية أو المدارس الحكومية، تنضوي تحت مظلة أسرة “التربية والتعليم” في مديريات شمال قطاع غزة وفي جنوب قطاع غزة.
هل تتقاضى الطواقم التعليمية رواتب؟
وأكد بدرية أن الكادر التعليمي والذي يقترب عدده من ثلاثين كادرا يعملون يوميا بجهود مضنية دون رواتب ودون مكافآت مجزية، وإنما يحصلون عن معونات عينية من الطرود والسلال الغذائية.
وقال: “بإرادة المعلم الفلسطيني صاحب الرسالة والامانة بحق، نستطيع أن نعيد الاعتبار للقطاع التعليمي، ونأمل أن تمد المؤسسات الدولية جسور التعاون مع القطاع التعليمي والصحي كونهما أبرز القطاعات الحيوية في غزة”.









