غزة ومؤشرات النصر أو الهزيمة

سميح خلف

لم تكن آلاف الطائرات التي كانت تغطي سماء برلين أو ليننجراد هي التقييم الحقيقي والنتائج الصائبة لمعاني النصر أو الهزيمة للجيوش المتحاربة في الحرب العالمية التانية أي لم يكن المؤشر مدي التدمير الذي حدث في برلين او ليننجراد هو الذي يعطي الحسم والنتيجة النهائية للحرب ولا كمية الضحايا التي تقدر بأكثر من 15 مليون قتيل ولا تدمير الحالة البيئية في المدينتين علي الاقل ناهيك عما حدث في فرنسا وبريطانيا وإيطاليا أو الضربة التي سميت بالقاضية لليابان في هيروشيما ونجازاكي.

ربما من هذه المقدمة قد وضعنا بعض المشاهد والصور التطبيقية لمحددات النصر او الهزيمة لالمانيا النازية وايطاليا الفاشية وما يقابلها من محور اخر قاتل في جبال الجليد وهزمت المانيا ومحورها وانتحر هتلر وهرب موسيليني رئيس ايطاليا في نهاية الحرب العالمية الثانية ومنثم اعدمته حركة المقاومة الايطالية مع اعوانه ال 17 ..

ومن هنا قد نحدد معالم الطريق والقرار الذي اتخذ في السابع من اكتوبر2023 هل هو كان قرار تكتيكي ام قرار استراتيجي وهل قدرت تبعات هذا القرار ام لم تقدر ومن هنا فتح المجال من اوسع ابوابه لعدة ايجابات اجتهد فيها المحللون ولكن تداعيات هذا القرار كانت هي الاوضح بما احدثته من تغير استراتيجي لابعاد مختلفة:

1- البعد الذاتي للصراع بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية
2- البعد الاقليمي وما حدث من متغيرات
3- البعد الدولي واليات التعامل مع البعد لذاتي للصراع
بالقطع في الشهور الاولي للمعركة خاصة بعد الاجتياح البرى لغزة ظهرت فئة المشككين والحائرين والمساندين وكلا له منطقه وادعاؤه , فالمشككين هم نفس الفئة التي ظهرت عندما كان قرار الانطلاقة بالكفاح المسلح والثورة الشعبية وانها وسيلة غير مجدية لتحرير فلسطين , هي نفس الفئة التي تظهر علينا كل يوم ممن يسموا نخب من ابناء التيار التسووي والحل المرحلي ومن يعتقد ان اوسلو قد حققت نتائج ايجابية للشعب الفلسطيني بما حققته من عودة 250 الف فلسطيني لارض الوطن وهو ادعاء سطحي يخفي خلفه كثير من النكبات حققتها اوسلو علي القضية الفلسطينية والقرار السياسي الفلسطيني اي القرار الوطني والممثلية الرسمية لمنظمة التحرير وطبيعة النهج التسووي وسلوكه علي حركة التحرر الوطني فتح , اما الحائرين فقد هللو عندما دخلت سواعد رجال المقاومة علي بعد 25 كيلو متر في غلاف غزة والحصول علي معلومات امنية قيمة من مركز رعيم الامني ومن ايرز في الشمال واسر نخب من الجيش الاسرائيلي والامني , بعد الغزو البرى لغزة تباكي الحائرين علي كمية الدمار الذي حدثت في غزة والشهداء وقالو ان القرار خطأ ولو لم يحدث ذلك لما تعرضنا لمثل تلك الخسائر ولم ينظر الحائرين لكمية الخسارة الكبرى لاسرائيل التي ضربت مؤسساتها في العمق ولاول مرة في تاريخ الصراع لم يقف هؤلاء للحظة لما كانت تمثله اسرائيل من رعب الانظمة  سواء في اسيا او افريقيا ولم يتخيل مستوطن اسرائيلي اتي الي ارض فلسطين بأنه سيزوره يوما مقاتل فلسطيني وهو في دبابته نائما او في منزله وهذا ماحدث في مستوطنات غلاف غزة لم ينظر هؤلاء لحظة بأن الاقتصاد الاسرائيلي توقف والزراعة توقفت واصبحت اسرائيل تستجلب غذاؤها من الخارج , لم يفكر هؤلاء المستوطنون بانهم سياغدرو منازلهم خوفا ورعبا من اصحاب الارض الي نزوح الي اماكن اخرى يقدرالعدد في غلاف غزة وشمال فلسطين 250 الف مستوطن.

أما المساندين للمقاومة فهي الحاضنة الشعبية الكبيرة التي تغذت من اوراق الشجر واعلاف المواشي هم هؤلاء بابناؤهم الذين يقاتلو ليلا ونهارا في الشوارع والازقة فوق الارض وتحت الارض والحديث يطول حول هذه الفئة التي تعطي انطباعا بان يوم النكبة عام 1948 لن يتكرر في عملية نزوح اخري الي غزة بل النزوح من مكان لاخر داخل حدود غزة وبعنف الة التدمير الاسرائيلية فهي تعطي الصلابة والقوة والصبر حيثيات الوطنية الفلسطينية الخالدة .

من تصريحات وزير الدفاع الاسرائيلي في شهر 12 وتعليقا علي الهجوم البري علي غزة صرح وزير الدفاع الامريكي بان اسرائيل خسرت استراتيجيا في معركتها مع الفلسطينيين هذا الرجل المخضرم الذي فهم ما احدثه يوم 7\10 من متغيرات احدثت ضعفا عنيفا للدور الوظيفي لما يسمي اسرائيل بوجهة النظر الغربية والاقليمية اي (البعبع) فلم تعد اسرائيل هي ذات الذراع الطولى التي ترهب من حولها وخاصة انها تواجه فصائل محدودة العدد والعتاد ولم تواجه انظمة وجيوشها وما تكبدته من خسائر تقدرالان بفرقتين وحوالي 1200 الية عسكرية.

ربما هذا المؤشر  الذي صرح به وزير الدفاع الامريكي قد وضعه مستشار الامن القومي الاسرائيلي باكثر وضوح وصرامة عندما قال (ان اهداف الحرب التي اعلنت علي غزة لم يحقق منها شيئ بعد اكثر  من 7 اشهر واصبحت القيادة الساسية والعسكرية الاسرائيلية بأن فكرة القضاء علي المقاومة الفلسطينية مستحيلة والتوجه فعليا لفكرة حل الدولتين للحفاظ علي وجود اسرائيل اولا والحفاظ علي مصالح امريكا واوربا ثانيا بعدما انهكت تلك الدول في اوكرانيا واحتمالية انهيار اوروبا وامريكا اذا ما توسعت الحرب التي بدات في البحر الاحمر وبحر الحرب والمحيط الهندي شرقا من العراق وشمالا من لبنان .

ومن هنا اتي الاعتراف من خمس دول اوروبية بدولة فلسطين واعتراف الجمعية العامة كامل العضوية لدولة فلسطين وتغير في الموقف الفرنسي ايضا واعتراف بريطاني مرتبط بوجهة النظر الامريكية بفكرة حل الدولتين .

اذن لنحدد باختصار شديد في هذا الموضوع الممتد والطويل والذي لا يكفيه من الكتابة والبحث صفحات متعددة حاولت اوجزها , نسطيع القول بان اسرائيل هزمت اضافتا لما ذكر سابقا هو التحول في الرأي العام الامريكي والاوروبي وفي الجامعات الامريكية والاوروبية وفي كثير من مؤسساتهم فاصبحت اسرائيل هي الدولة المنبوذة التي بالطبع سقطت يوم 7\10 وما بعده من صمود الشعب الفلسطيني قد انهي دورها الوظيفي في المنطقة.

اما علي الجانب الاخر وهم يلبسون لباس تصريحان بلنكن ان علي المقاومة ان تسلم اسلحتها وتستسلم لانهاء الحرب يكررون نفس الغة حتي باعادة تجربة ياسر عرفات وانسحابه من بيروت , بالقطع هذا كلام انهزامي لن تفعله المقاومة بعد هذا الصمود وتكبيد العدو خسائر فادحةة ليومنا هذا في المال والاوسط والجنوب ولكن اؤكد هنا ان المقاومة حتي الان لم تنتصر ولكن لم تهزم لان مقاومة الشعوب لا يمكن ان تستسلم ولا يمكن ان تنتهي  بهي مقاومة متواصلة يمكن ان يهزم فيها العدو ولكن لا يمكن ان تهزم المقاومة ولذلك قد تنبه الاستراتجيون في دولة الاحتلال بانه يجب التفاوض الان لتحقيق هدف واحد فقط بعد ان خسرو كل اهدافهم في الحرب وهو تبادل الاسري اما راي العام العالمي فقد قرر ماصرة شعب فلسطين الذي سيستمر للامام وبصمود المقاومة وليس غيرها واخيرا وليس اخرا تصريح مسؤول الامن القومي الاسرائيلي كان اكثر وضوحا وصراحتا وقرارا وبعد الضربة الصاعقة الذي لاقتها قيادة التطرف الاسرائيلي فيمحكمة الجناية الدولية وتوجهات المدعي العام.

شاهد أيضاً