غوغل شريك في الإبادة

عمر حلمي الغول

كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية عن وثائق تؤكد تورط شركة غوغل في تزويد الجيش الإسرائيلي بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي على مدار الإبادة الجماعية على الشعب العربي الفلسطيني، ووفقها فإن الوثائق الناظمة للشركة أفادت، أن موظفيها قدموا خدمات مجانية للجيش الإسرائيلي، واتاحوا للوحدة 8200 المختصة بالسبرانية وغيرها من مؤسسات الحكومة الإسرائيلية بالوصول الى أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي من بداية الإبادة الإسرائيلية الأميركية على قطاع غزة. على رغم ادعاء غوغل علنا بالنأي بنفسها عن جهاز الأمن القومي في الولايات المتحدة، الا ان احتجاجات قطاع من موظفيها على إبرام عقد الحوسبة السحابية مع الحكومة الإسرائيلية، كشفت أكاذيب الشركة، وفضحت تورطها في الإبادة الجماعية مع الحكومة والجيش الإسرائيلي.
وكانت غوغل في ردة فعل مباشرة وسريعة، فصلت ما يزيد عن 50 موظفا من المحتجين على العقد المعروف باسم نيمنوس مع الحكومة الإسرائيلية العام الماضي، الذي ساعد البرامج العسكرية والاستخباراتية ضد الفلسطينيين. وبعد افتضاح الامر، حاولت غوغل من التخفيف من أهمية عقد نيمنوس مع الحكومة الإسرائيلية، وادعت ان البرنامج لا يتضمن اعمال حساسة للغاية، أو سرية، أو عسكرية ذات صلة بالأسلحة، أو أجهزة الاستخبارات. وهو أولا اعتراف واضح بالمشاركة في الإبادة الجماعية على الفلسطينيين، وثانيا ما كان للموظفين المحتجين الاحتجاج لو لم يكن العقد يهدف للغاية الاجرامية التي ارتكبتها الشركة مع إسرائيل، وهو عذر أقبح من ذنب.
ولتكذيب غوغل، كان غابي بورتنوي، المدير العام للمديرية الوطنية للسايبر في الحكومة الإسرائيلية، قد أعلن في مؤتمر في أوائل عام 2024، الى ان عقد نيمنوس ساعد بشكل مباشر في التطبيقات القتالية، وأضاف “بفضل سحابة نيمنوس العامة، تحدث أشياء استثنائية أثناء القتال، هذه الأشياء لعبت دورا هاما في الانتصار.” وفقا لمقال نشرته صحيفة “People and Computers”، وهي الوسيلة الإعلامية الإسرائيلية التي استضافت المؤتمر.
ودون الدخول في التفاصيل المختلفة التي أوردتها صحيفة “الواشنطن بوست” وغيرها من وسائل الاعلام ذات الصلة، فإن الحقائق الماثلة أمام المراقبين والعارفين بما ساهمت به سحابة نيمنوس، مما يؤكد المشاركة المباشرة للشركة الامبريالية العملاقة في حرب الأرض المحروقة على الشعب الفلسطيني. وهذا ليس مستغربا، ولا مستهجنا. لا سيما وان الولايات المتحدة الأميركية جيشت كل اساطيلها وحاملات طائراتها وغواصاتها وقواتها العسكرية، وأجهزتها الأمنية والاستخبارية وادواتها وشركاتها السيبرانية، وموازناتها المالية، وجهازها الديبلوماسي في مختلف المحافل الدولية، وأدواتها الإعلامية وتخندقت في الخندق الأمامي لحماية إسرائيل، وكانت رأس حربة الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني، ولم تتوانى عن ارتكاب مطلق جريمة لإبقاء دولة الإبادة الجماعية الإسرائيلية واقفة على رجليها، ليس هذا فحسب، بل منحتها، ومازالت تمنحها وتقدم لها المساعدات كافة لتتسيد على العرب جميعا والاقليم الشرق اوسطي كله.
ومن تابع منصات التواصل الاجتماعي الأميركية والغربية عموما، لاحظ انها كانت تقف بالمرصاد لأي كلمة تتضمن الدفاع عن القضية الفلسطينية، أو دعم الشعب الفلسطيني، أو الدفاع عن الأطفال والنساء والشيوخ والابرياء عموما من الفلسطينيين، الذين أبيدوا في الحرب الجهنمية والكارثية، وتناصب العداء للشعب الفلسطيني تنفيذا لسياسات القائمين عليها، والتزاما بمخططات الدولة الأميركية العميقة والحكومة العالمية، التي يتربع اباطرة رأس المالي المالي الصهيوني من خلال العائلات الصهيونية المالية على راسها.
وهذا يتطلب من القيادة الفلسطينية والعربية وأنصار السلام في العالم ملاحقة غوغل وغيرها من الشركات المختصة في المجال السيبراني امام المحاكم القومية والدولية ذات الاختصاص، وتغريمها عن انتهاكاتها الجلية، كونها وقفت وشاركت في الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، ولا يجوز غض النظر عن تلك الانتهاكات الخطيرة التي هددت، ومازالت تهدد مصير الشعب الفلسطيني الضعيف، والمدافع عن حقوقه ومصالحه الوطنية، ويسعى لتحقيق الاستقلال الوطني لدولته الفلسطينية من نير الاستعمار النازي الإسرائيلي.

تابعنا عبر:

شاهد أيضاً