༺༺༻༻
يَـا لَيْلُ، مَهْلًا عَلَى أَطْفَالِ غَزَّتِنَا
فَالْبَرْدُ ذَبَّـاحُهُمْ، وَاللَّيْلُ سَـجَّانُ
وَالْخَيْمُ أَمْـوَاجُ صَقِيعٍ لَا مَفَارِقَةٌ
تَهُبُّ فَوْقَهُمَا الرِّيحُ الطُّوفَانُ
هَذِي الصَّغِيرَةُ قَدْ ضَمَّتْ أَصَابِعَهَا
تَبْكِي، وَفِي الْبُكْيِ لِلْمَأْسَاةِ تِبْيَانُ
وَذَاكَ شَيْخٌ عَلَى أَبْوَابِ خَيْمَتِهِ
يَرْتَجُّ صَدْرًا، وَقَدْ أَعْيَاهُ نُسْيَانُ
لَا نَارُ تَدْفِئُ هَذَا الْقَلْبَ مِنْ رَهَبٍ
وَلَا غِطَاءُ… فَهَلْ تَحْمِيهِ أَكْفَانُ؟
وَالْأُمُّ تَحْمِلُ، فِي أَحْشَائِهَا وَطَنًا
تُدَفِّئُ الطِّفْلَ وَالْأَحْلَامُ عُرْيَانُ
تَبْسِيـمَةٌ كَاذِبَةٌ فَوْقَ الشِّفَا تُخْفِي
دَمْعًا يُقَاتِلُهَا، وَالْقَهْرُ يُعْيَانُ
مَنْ لِلْفَقِيرِ؟ وَمَنْ لِلْمُشْرَدِينَ إِذَا
خَانَتْهُمُ الْأَرْضُ؟ أَوْ ضَاعَتْ لَهُمْ دَارُ؟
مَنْ لِلْقُلُوبِ إِذَا بَاتَتْ مُتَوَحِّدَةً
تَرْتَجِفُ الْيَوْمَ، لَا وَطْنٌ وَلَا جَارُ؟
غَزَّةُ…
هَلْ يَرَاكِ الْعَالَمُ الْآنَ؟ أَمْ
أَصْبَحْتِ فِي زَمَنِ الْأَعْمَالِ أَخْبَارُ؟
هَلْ يَعْلَمُونَ بِأَنَّ الْبَرْدَ يَقْتُلُكُمْ
كَمَا يَقُولُونَ إِنَّ الْقَصْفَ بَرْبَارُ؟
لَا شَيْءَ إِلَّا رِجَالٌ صَامِدُونَ، وَفِي
عَيْنِ الذِّئَابِ لَهُمْ صَوْتٌ وَإِصْرَارُ
وَنَحْنُ—
مَا بَيْنَ صَرْخَاتٍ وَدَمْعَتِنَا—
نَرْفَعُ لِلَّهِ فِي الضَّرَّاءِ أَذْكَارُ
يَا رَبُّ، رُحْمَاكَ، هَذِي الْأَرْضُ مُلْتَهِبٌ
فَامْنَحْ قُلُوبًا عَلَى الشَّدَّاتِ أَقْدَارُ
وَاعْجَلْ فَرَجْنَا، فَلَا صَبْرٌ يَحُوطُنَا
وَلَا سِوَى وَجْهِكَ الْمَبْسُوطِ أَسْتَارُ
غَزَّةُ…
تَبْقَيْنَ مَا بَقِيَ الدَّمُ فِي عُرُوقِنَا
وَيَبْقَى فِيْكِ—وَعَلَيْكِ—الْحُبُّ وَالْغَارُ.







