لم يعد “لطوفان الأقصى” أي غاية من غايات المقاومة، ولا أي صفة من صفاتها، بعد أن بات على طاولة التفاوض يسأل السلامة لأصحابه، الذين تنازلوا عن مجمل أهدافهم، التي تغنوا بها في روايتهم عن “الطوفان”، حين وافقوا على وقف مؤقت لإطلاق النار (…!!) وكأن لهم نيرانا تعادل نيران جيش الاحتلال ..!! ليس هذا فحسب بل وافقوا أيضا على ألا يكون هناك انسحاب شامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة …!! محللون سياسيون أشاروا إلى أن موافقة “حماس” على هذين البندين، الشرطين الإسرائيليين في الواقع، جاءت بطلب من طهران التي عبرت عبر أدواتها في المنطقة، عن ارتياحها لهذه الموافقة …!!
ربما “حماس” لم تكن تنتظر طلبا من هذا النوع من طهران، أو غيرها، بعد أن باتت تبحث عن مخرج من “طوفان الأقصى” وبأي ثمن كان…!! فلمحت في بند الوقف المؤقت لإطلاق النار، فرصة، وهي في الواقع فرصة من ركام، قد توفر لها فسحة من الوقت، لتعيد ترتيب شؤونها السلطوية في القطاع الذبيح، فربما ذلك يؤمن لها خروجا آمنا من الطوفان ودون أن تفقد أي رأس من رؤوسه …!!
قد لا تتحقق هذه الصفقة تماما، لكن كما يقال قد وقعت الفأس في الرأس، و”حماس” باتت مكشوفة الغايات السلطوية، في كل هذا الإطار. وحسن الختام بات بعيدا عنها طالما ظلت تطرق كل الأبواب في هذه المنطقة، ما عدا الباب الفلسطيني .!!!
كلما ابتعدت حماس عن هذا الباب توغلت في مأزقها، ولا نعني مأزقها التنظيمي أو السياسي فحسب، بل والوجودي أيضا، لربما حماس ما زالت تتوهم أن الباب الفلسطيني آيل للسقوط وهذا في الواقع وهم غاية في الخطورة والاستمرار في التعاطي معه لن يقود لغير التهلكة، لأن الباب الفلسطيني، هو باب البيت المحصن لا بالشرعية فقط، وإنما كذلك، بحقيقة كونه بيت المستقبل، نعني مستقبل الحرية والاستقلال، بحكم صلابة بنيانه المعنوي، والسياسي، وحضوره الدولي، الذي بات يحظى باعترافات دولية لافتة، وغاية في الأهمية، ولأن تاريخا لهذا البيت أصبح كمثل زيتونة ضاربة الجذور في أرضها وما عاد بإمكان أحد اقتلاعها. فمتى ترى حماس ذلك ..؟؟