السياسي – في فيديو تم تداوله مؤخرًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، يظهر عدد من الرجال المسلحين يتجولون على متن مدرعة لنقل الجنود حول محطة وقود في ضواحي مدينة حماة السورية، وذلك بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد.
ويُعتقد أن هؤلاء المسلحين ينتمون إلى مجموعة من المقاتلين الفرنسيين الذين ما زالوا موجودين في سوريا تحت اسم “فرقة الغرباء”، وهي كتيبة تضم مقاتلين أجانب متحالفين مع الفصائل التي أسقطت نظام الأسد، وفقًا لصحيفة “20 مينيت”.
ويشير الصحفي المتخصص في الحركات الجهادية وسيم نصر إلى أن هؤلاء المقاتلين الفرنسيين نجوا من سقوط “دولة داعش” والحرب الأهلية السورية، ومنذ ذلك الحين لجأوا إلى منطقة إدلب، التي تُعتبر معقل هيئة تحرير الشام.
ويوضح نصر أن هؤلاء المقاتلين يتبعون أوامر أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، زعيم هيئة تحرير الشام، وقد ظهروا خلال دخولهم إلى مدينة حماة.
وفي الفيديو، يتحدث أحدهم بوضوح باللغة الفرنسية وسط الاحتفالات التي رافقت وصولهم قائلاً: “سيطرنا على مدينة حماة. الله أكبر”. كما يظهر المقاتلون في مشهد آخر بينما يتنقلون مع فرقتهم العسكرية وسط حشد صغير من المحتفلين في حي مسيحي، حيث تظهر في الفيديو كنيسة ويُسمع صوت يقول: “حتى المسيحيون سعداء”.
هل تم القضاء على شبكة نيس؟
يشير وسيم نصر إلى الاستقبال الحسن الذي تلقاه هؤلاء المقاتلون، حيث لم يتم تسجيل أي تجاوزات منهم، وهو ما يعكس قدرة “الجولاني” على التحكم في قواته، ويُعتبر دليلاً على التنظيم والانضباط داخل صفوفهم.
ورغم أن وجود المقاتلين الأجانب، وخاصة الفرنسيين، في سوريا ليس مفاجئًا، إلا أن التساؤلات تظل قائمة بشأن عددهم وانتمائهم.
ففي عام 2015، تم إحصاء حوالي 1.880 فرنسيًا تم تجنيدهم في شبكات جهادية عراقية-سورية، فيما يقدر بعض الخبراء عدد المقاتلين الفرنسيين في سوريا حاليًا بحوالي مائة شخص في منطقة إدلب.
ويقول أوليفييه كريستين، المدعي العام لمكافحة الإرهاب، في تصريح لصحيفة “لو فيغارو”، إن “حوالي خمسين منهم ينتمون إلى لواء عمر أومسن، وحوالي ثلاثين منهم يتبعون التيار الذي يقوده أبو محمد الجولاني”.
وكان عمر أومسن، الذي يُعرف أيضًا باسم عمر ديابي، جهادي من أصل سنغالي من مدينة نيس، قد خاض في وقت سابق صراعًا مع هيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني، إلا أن التقارير تشير إلى أنه قد تم إخضاعه الآن من قبل النظام في دمشق.
من جانبها، أفادت مجلة “لكسبريس” أن عدد المقاتلين الفرنسيين في المنطقة يُقدر بنحو 110 إلى 120 شخصًا، موزعين بين مختلف الفصائل. وقد شارك العديد منهم في الهجوم الذي أسفر عن سقوط الأسد.
كما أن بعضهم انضم إلى قوات أبو محمد الجولاني، بينما انضم آخرون – وهم غالبية المجموعة – إلى قوات عمر أومسن، الذي وصل إلى سوريا منذ عام 2013، وهناك أيضًا من لا ينتمون إلى أي فصيل معين أو ينضمون إلى مجموعات قتالية صغيرة في المنطقة.
وهذه المعطيات تؤكد أن المقاتلين الفرنسيين ما زالوا يشكلون جزءًا من القوى المتحاربة في سوريا، وهو ما يطرح تساؤلات حول دورهم المستقبلي في الصراع السوري وتحالفاتهم المتغيرة في المنطقة.