بقلم نجيب الكمالي
إن القراءة العميقة لأعمال الكاتب الفلسطيني عمران الخطيب تكشف عن شيء يتجاوز حدود الكلمة المكتوبة؛ إنها تجربة روحية تتفجر في وجه الزمن، وتشق طريقها نحو القلوب والعقول، لتزرع جذور المقاومة في كل قارئ. فالنص عند الخطيب ليس مجرد سرد، بل صرخة حية تتجاوز الورق لتصبح فعلًا وجهادًا في النفس والواقع.
يقدّم الخطيب في نصوصه فلسطين كما ينبغي أن تُكتب: حية، ثائرة، مرفوعة الرأس، لا تستجدي أحدًا، ولا تتراجع عن حقها. دم فلسطين ليس مجرد صورة رمزية، بل حقيقة تتدفق في الحروف، وترابها يزهر كلمات تصل إلى السماء. وفي هذا، تتحول كل كلمة إلى حجر وطن، وكل جملة إلى نبض الأجداد في أذن الأحفاد، تذكّرنا: “لا تنسوا… لا تستسلموا… لا تفرّقوا”.
ما يميّز نصوصه أيضًا هو توظيفه العميق للرمزية الفلسطينية: القلم يتحوّل إلى ظلال الزيتون، والليل إلى فجر يولد من رحم المعاناة، والدموع تتحول إلى أنهار نار تسري على الورق. النص عنده يصبح مسيرة عائد، صلاة مقاوم، وخريطة طريق لا تحيد عن بوصلة الدم. كل صورة في نصه تحمل وزنًا ثقيلًا، لكنها تبقى خفيفة على النفس لأنها تحمل الأمل.
خطيب لا يكتب ليُقرأ فحسب، بل ليُسمع ويُشعل، ليحطم أقنعة الوصاية، ويهشم بسيف الكلمة ستائر المفاوضات الهزيلة. فكل نص لديه هو نداء للحرية التي لا تُمنح، والوطن الذي يُخلق من رحم المعاناة وبناء شهدائه. النصوص تتحول إلى مشاعل مضيئة، لا تنطفئ، تجعل القراءة ثورة والتأمل إرادة لا تُقهر.
وفي النهاية، نصوصه تعكس فلسطين كما هي: مشاعل لا تنطفئ، وأحلام لا تموت، وطن يُنسج بالدم والأمل. إنها شهادة على أن فلسطين باقية، وأن المقاومة في كل جملة، وفي كل حرف، تكتب التاريخ وتحيي القضية. لكل من يقرأه، يصبح النص دعوة للعمل، وموجهًا للفكر، ومثالًا على أن الكلمة يمكن أن تكون بندقية، ويمكن أن تكون شعلة تنير الطريق نحو الحرية والكرامة.








