السياسي – بينما تتصدر أنباء التصعيد العسكري بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وإيران العناوين الدولية، يعيش سكان قطاع غزة كارثة إنسانية تتفاقم بصمت، بعيدًا عن أضواء الكاميرات وعدسات العالم.
وأبرز موقع Mondoweiss الإخباري الدولي، أنه مع كل صاروخ يُطلق في الخليج، تُدفن مأساة غزة أعمق، ويُنسى المدنيون المحاصرون الذين يعانون المجاعة والعطش والاقتلاع.
“في غزة، انتهى العالم بالفعل”، تقول ملاك حجازي، الكاتبة التي عاشت تفاصيل الحصار من داخل مدينة غزة.
وأضافت: “نحن نموت ببطء، ليس فقط تحت القصف، بل من الجوع، ومن الشعور بأن العالم أدار لنا ظهره”.
-مأساة بلا توقف منذ عشرين شهرًا
منذ بداية العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023، عاش سكان غزة تحت حصار خانق وحرب إبادة مدمرة. ومع مرور عشرين شهرًا على بدء الكارثة، لا تزال الأوضاع الإنسانية تتدهور بوتيرة مرعبة. عشرات الآلاف قضوا ومئات الآلاف باتوا نازحين في خيام لا تقي حرّ الصيف ولا برد الشتاء.
وتصف حجازي الأوضاع بقولها: “لم نعد نأكل الخبز يوميًا. نطحن العدس أو الفاصوليا لصناعة عجينة تشبه الخبز. سعر كيلو الطحين وصل إلى 14 دولارًا، والبصل يباع بالحبة بـ57 دولارًا. من يملك المال لا يستطيع صرفه بسبب إغلاق البنوك وانقطاع الكهرباء والإنترنت”.
-أسواق خاوية ومساعدات مشروطة بالموت
الأسواق، بحسب الشهادات المحلية، لم تعد أسواقًا حقيقية. بعض الخضروات الذابلة تُباع بأسعار خيالية، والمخابز مغلقة منذ شهور.
تقول حجازي: “ذهبت إلى سوق الصحابة مؤخرًا ولم أجد سوى بعض الخضار الفاسدة، وبعض المكملات الغذائية المخصصة للأطفال تباع في العلن”.
تعتمد الأسعار على عدد شاحنات المساعدات التي تسمح سلطات الاحتلال بدخولها. وغالبًا ما تُربط هذه الشاحنات بمواقف سياسية أو عسكرية، مما يجعل الغذاء أداة ابتزاز جماعي.
وأعلنت الأمم المتحدة أن ما دخل غزة من الطحين منذ منتصف مايو لا يكفي لأكثر من ثمانية أيام. وفي شمال القطاع تحديدًا، حيث يعيش جزء كبير من السكان، لا توجد مراكز توزيع نشطة.
ومع ذلك، يضطر الناس في قطاع غزة لعبور كيلومترات طويلة سيرًا على الأقدام وسط الأنقاض والكمائن الإسرائيلية للوصول إلى مراكز الإغاثة.
-مراكز الإغاثة… فخاخ للموت
يُنظر إلى مراكز الإغاثة التابعة لما يسمى “مؤسسة غزة الإنسانية”، المدعومة من الاحتلال والولايات المتحدة، باعتبارها فخاخًا للموت أكثر منها خطوط حياة.
وتُرصد باستمرار اعتداءات على المدنيين المنتظرين في طوابير طويلة تحت الشمس، أو أثناء اقترابهم من أماكن التوزيع.
في 17 يونيو وحده، استشهد ما لا يقل عن 80 مدنيًا أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، بينهم أطفال ونساء.
وتضيف حجازي: “عائلتي ترفض الإهانة. لا أحد يذهب منا إلى تلك المراكز. نشتري الطعام بأسعار جنونية من لصوص باتوا يسيطرون على السوق السوداء”.
-غياب غزة عن العناوين… وضمير العالم
رغم خطورة الوضع، غابت غزة عن التغطيات الإخبارية. فالحرب الإسرائيلية على إيران خطفت الأضواء، ودفعت المأساة الفلسطينية إلى الهامش. تقول الكاتبة: “لقد دفنت حرب إيران قضيتنا تحت غبار الإقليم. أصبحت معاناتنا طبيعية، متوقعة، بل مملة بالنسبة للعالم”.
لكنها تختتم بنداء صارخ: “من فضلكم، لا تتوقفوا عن الحديث عن غزة. ما تفعله إسرائيل ليس معقدًا: إنها إبادة جماعية تُنفّذ ببطء وعلى مرأى من العالم. إن نسيتم غزة، سيتكرر ما يحدث هنا في أماكن أخرى”.