مبادرة إدارة ترامب للفلسطينيين ليست خطة سلام بل محاولة مكشوفة لتجميل الاحتلال وتثبيت الهيمنة الإسرائيلية تحت غطاء إنساني وفي الوقت نفسه لاحتواء تسونامي الاعترافات الدولية ودعم العالم للشعب الفلسطيني وللتخفيف من غضب الشارع الأوروبي والأميركي تجاه استمرار الانتهاكات الإسرائيلية.
تُسوَّق الخطة على أنها طريق نحو “الاستقرار” لكنها في الواقع قارب يلمع سطحه بينما قاعه مثقوب يبدو وكأنه وسيلة نجاة لكنه في الحقيقة أداة لإغراق الفلسطينيين وتهجيرهم وحرمانهم من حقوقهم الأساسية.
تركز الخطة على إجراءات إنسانية وأمنية محدودة مثل وقف مؤقت لإطلاق النار، تبادل رمزي للأسرى، تسهيلات دخول محدودة، وإنشاء قوة أمنية عربية–دولية بلا تمثيل فلسطيني حقيقي إلى جانب إصلاحات للسلطة الفلسطينية وفق مطالب مفتوحة وخطة إعمار يمكن تعليقها متى شاءت إسرائيل هذه الإجراءات رغم أهميتها الظاهرية تظل رهينة لمزاج الاحتلال ولا تقدم أي ضمان للفلسطينيين على تنفيذها ولا تعالج جذور الصراع: الاحتلال، الاستيطان، وحق الفلسطينيين في تقرير المصير.
التجارب السابقة أكدت أن أي اتفاق مؤقت لم يحقق شيئاً سوى تأجيل القتل والدمار و برامج الإعمار والإغاثة ستظل أسيرة الحسابات السياسية والأمنية الاسرائيلية مع استمرار حكومة إسرائيلية متطرفة في توسيع المستوطنات وتهجير الفلسطينيين ما يجعل قيام دولة فلسطينية مستقلة و متصلة أمراً شبه مستحيل.
الخطة تتجاهل القضايا الجوهرية: اعتراف أمريكي و اسرائيلي صريح بالدولة الفلسطينية على حدود 1967، القدس والمقدسات، حق اللاجئين في العودة أو التعويض، السيادة على الموارد الطبيعية، وإنهاء الاعتقال التعسفي للأسرى و تبييض السجون الاسرائيلية، أي سلام حقيقي يتطلب إزالة جميع المستوطنات، جدولا زمنياً لإنهاء الاحتلال وضمانات دولية لحماية المقدسات والموارد وحل عادل لقضية اللاجئين.
على الرغم من ادعاءات “الضغط الأميركي على إسرائيل” تثبت الوقائع عن تنسيق وثيق بين الطرفين و المبادرات الأميركية غالباً ما تُصاغ بيد اسرائيلية و بما يتوافق مع المطالب المصالح الإسرائيلية ثم تُعرض للعالم باسم السلام علما ان ترامب وإدارته طرف معتدي و جزء رئيسي من استمرار العدوان و الاحتلال و منع الاعتراف و اقامة الدولة الفلسطينية و لا يسعوا للسلام بل لتثبيت الاحتلال و اطالة عمر حكومة نتنياهو و تهدئة الضمير العالمي وامتصاص غضب جماهير العالم ضد الانتهاكات و قتل الأطفال و تجويع الشعب الفلسطيني .
السلام الحقيقي لا يُبنى على إدارة المعاناة أو وعود إعمار مؤقتة بل على إنهاء الاحتلال، إزالة المستوطنات، حماية المقدسات، وضمان السيادة الفلسطينية الكاملة و الاعتراف الصريح بالدولة الفلسطينية و أي فلسطيني متابع و مهما كان توجهه يجب أن يرفض أي طرح من إدارة ترامب فهي العدو الاول للشعب الفلسطيني و تقود سياسات إبادة جماعية و معنوية وسياسية وتمنع أي مسار للسلام الحقيقي.