قراءة اوليه في خطة شروق الشمس الأمريكية

نبهان خريشه

قراءة متأنية لسياق “خطة شروق الشمس” وتوقيتها وآلياتها المقترحة، تضعها في إطار سياسي أوسع يتجاوز الإعمار بوصفه حاجة إنسانية عاجلة ليصبح أداة لإعادة تشكيل الواقع الجغرافي والديمغرافي والسياسي للقطاع.

ان اختيار رفح ليس تفصيلاً تقنياً بل قرارا ذا دلالة سياسية فهي بوابة غزة الجنوبية، والمتاخمة لمصر، والأكثر قابلية – وفق الرؤية الأمريكية – لإطلاق نموذج “إعمار مدار” يخضع لشروط أمنية وإدارية صارمة. ويراد لهذا النموذج أن يكون قابلا للتعميم لاحقا على باقي مناطق القطاع، بما يضمن إعادة بناء “مضبوطة” لا تمس بالمعادلات الأمنية التي تضعها إسرائيل في صدارة أولوياتها.

هذه الخطة تربط الخطة بين الإعمار ونزع “مسببات الصراع”، وهو تعبير فضفاض يستخدم غالبا للإشارة إلى إعادة هندسة البنية السياسية والأمنية في غزة، وربط تدفق الأموال والمشاريع بشروط تتعلق بالإدارة والرقابة والتمويل، وبمن يتولى الحكم والإشراف. وهنا يتحول الإعمار من حق للشعب الفلسطيني إلى أداة ضغط، ومن استجابة للكارثة إلى مكافأة مشروطة بالسلوك السياسي.

كما ان الخطة تغفل أو تؤجل عمدا السؤال الجوهري المتعلق بالمسؤولية عن الدمار. فإعادة الإعمار تطرح بمعزل عن محاسبة الاحتلال على ما ارتكبه، وبمنطق “إدارة ما بعد الكارثة” لا منع تكرارها. وهذا يفتح الباب أمام دورة مفرغة: دمار ثم إعمار مشروط، ثم دمار جديد من دون معالجة الجذر الحقيقي للأزمة وهو استمرار الاحتلال والحصار.

إن إعادة إعمار غزة، بدءًا من رفح أو غيرها، لا يمكن أن تكون مسارا تقنيا منفصلًا عن السياق السياسي والحقوقي. فالإعمار الحقيقي هو الذي يبنى على رفع الحصار، وضمان حرية الحركة، واحترام حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، لا ذاك الذي يدار من غرف القرار الدولية بوصفه ملفا أمنيا.