قرار امريكا بمنع وفد فلسطين.. تعسف وبلطجة ….؟

د فوزي علي السمهوري

بلغت البلطجة والعنجهية الامريكية بإنقلابها على مبادئ وميثاق الأمم المتحدة وعلى مسؤولياتها كدولة دائمة العضوية بمجلس الأمن والتعامل مع الميثاق والإتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية بإزدواجية وعدم إحترام الإرادة الدولية حدا لم يعد مقبولا مما يرتب على الدول الأعضاء بالجمعية العامة مسؤولية التصدي لهذه السياسة العدائية إتجاه شعوب العالم المستضعفة وخاصة إتجاه حقوق الشعب الفلسطيني بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وما القرار الامريكي بمنع وفد دولة فلسطين العضو المراقب بالأمم المتحدة من المشاركة باعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة إلا نموذجا للسياسة التعسفية الأمريكية .
القرار الامريكي تعسفي :
اقل ما يمكن وصف قرار الخارجية الأمريكية الذي جاء بعد ايام من إجتماع الرئيس ترامب بمشاركة توني بلير المعروف بعدائه للقضايا العربية عموما وللشعب الفلسطيني خصوصا وبعد يوم من إجتماع وزير الخارجية الأمريكي مع وزير خارجية الكيان الإستعماري الإرهابي الإسرائيلي إلا انه قرار تعسفي وذلك للعوامل التالية :
اولا : لإنتهاكه ” إتفاقية مقر الأمم المتحدة ” المبرمة بين الولايات المتحدة الأمريكية والامم المتحدة التي تنص على ” ان الولايات المتحدة الأمريكية بصفتها الدولة المضيفة ملزمة قانونيا بمنح تاشيرات دخول لجميع ممثلي الدول الاعضاء سواء الدائمة او المؤقتة وممثلي البيانات والبعثات المدعوة من الأمم المتحدة دون تمييز على اساس الخلافات السياسية او التصنيفات الداخلية ” .
ثانيا : عدم تشكيل الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني اي تهديد للأمن القومي الأمريكي وما الإتصالات والاجتماعات الثنائية على مختلف المستويات مع القيادة الفلسطينية إلا دليل على ذلك .
ثالثا : إعتراف مجلس الأمن بالدولة الفلسطينية من قبل ١٣ دولة وإمتناع دولة عن التصويت دليل على توفر متطلبات قبول دولة عضوا بالأمم المتحدة المنصوص عليها بالمادة الرابعة من الميثاق على دولة فلسطين والذي حال دون صدوره الفيتو التعسفي الأمريكي .
رابعا : كون القرار يهدف إلى فرض قيود وعرقلة مسيرة الإعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية وحق الشعب العربي الفلسطيني بتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة .
أسباب منع الوفد الفلسطيني :
إن الذرائع والأسباب الواردة ببيان الخارجية الأمريكية فهي تتناقض كليا مع :
▪ الواقع
▪ ومع ميثاق الأمم المتحدة .
من حيث الواقع :
فالواقع الذي يشهده العالم ان الكيان الإستعماري الإسرائيلي بإستمرار إحتلاله لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا بموجب قرار الجمعية العامة رقم ١٨١ و١٩ / ٦٧ / ٢٠١٢ يمثل رمز الإرهاب الذي يفترض من امريكا التصدي له ومعاقبة الكيان الإستعماري الإسرائيلي المارق والعنصري وفقا للعديد من التقارير الصادرة عن منظمات حقوقية دولية وما يدلل على ذلك المضي بسياسته العدوانية والتوسعية المتمثلة بالانقلاب على إلتزاماته المترتبة عليه بإتفاق اوسلو والتوسع السرطاني بمصادرة الأراضي الفلسطينية خلافا لإتفاقية جنيف الرابعة وتسليح المستوطنين وإطلاق يدهم بإرتكاب جرائم معاقب عليها بالقانون الدولي ورفض تنفيذ القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة وفي مقدمتها قرارات مجلس الأمن ٢٤٢ و ٣٣٨ و ٢٣٣٤ و ٢٧٣٥ الذي يدعوا لوقف حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني بقطاع غزة وقرارات الجمعية العامة وعلى راسها قرار رقم ١٠ / ٢٤ الصادر في ١٨ أيلول ٢٠٢٤ الذي طالب سلطات الإحتلال الإستعماري الإسرائيلي إنهاء إحتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ حزيران ١٩٦٧ وتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية الاستشاري الذي قرر بعدم شرعية وقانونية الإحتلال الإسرائيلي .
اما من حيث ميثاق الأمم المتحدة :
ميثاق الأمم المتحدة كفل :
▪ للشعوب الحق بالحرية والإستقلال وتقرير المصير دون إزدواجية
▪كما كفل للشعوب التي تخضع لعدوان خارجي وإحتلال اجنبي حق الدفاع عن النفس
▪كما كفل للدول الاعضاء حق اللجوء إلى القضاء الدولي ” محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ”
▪ كما كفل للدول والشعوب الحق بالتواصل مع دول العالم للإعتراف بحقوقه الأساس وتمكينه من الحرية والعدالة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة إعمالا لميثاق الأمم المتحدة وتنفيذا لمئات القرارات الصادرة عن مؤسساتها .
كما من المهم أيضا الإشارة إلى ان متطلبات حصول دولة على عضويتها بالأمم المتحدة المنصوص عليها بالمادة ٤ من الميثاق متوفرة مما يعني شرعية وقانونية وحق القيادة الفلسطينية بالعمل الدؤوب والتواصل مع دول العالم التي لم تعترف بالدولة الفلسطينية لكسب مزيد من الإعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية في ظل السياسة الإسرائيلية المدعومة امريكيا بإدامة إحتلالها الإستعماري الإحلالي وإنكار حق الشعب العربي الفلسطيني الأصيل بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
إن القرار الامريكي بمنع وفد دولة فلسطين “التي لم ولن تمثل يوما تهديدا للأمن القومي الامريكي ” المشاركة باعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة يؤكد على ان امريكا باتت طرفا مباشرا بحرب الإبادة والتطهير العرقي التي يشنها الكيان الإسرائيلي الإرهابي العنصري بدعم امريكي بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية وقلبها القدس مما يرتب على مجلس الأمن والجمعية العامة تفعيل المادة ٢٧ / ٣ من ميثاق الأمم المتحدة…
القرار الأمريكي بمنع مشاركة الوفد الفلسطيني قرار تعسفي ويمكن إعتباره عملا من اعمال البلطجة التي تؤدي لتقويض الأمن والسلم الدوليين …
المطلوب من المجتمع الدولي الإنتصار للعدالة ولتجسيد مبادئ واهداف الأمم المتحدة وميثاقها واقعا بعيدا عن الهيمنة الأمريكية والعمل على نقل مقر الأمم المتحدة إلى دولة اخرى في حال إستمرار الإدارة الأمريكية بالإنقلاب على إلتزاماتها بإتفاقية مقر الأمم المتحدة…
فلسطين وشعبها عنوان للحق والعدالة فانتصروا لها …. وانبذوا وإعزلوا الكيان الإسرائيلي الإرهابي الذي يتبجح بتحديه الإرادة الدولية ؟