السياسي –
عندما كانت إسرائيل والولايات المتحدة تقصفان المواقع النووية الإيرانية، برزت ساحة معركة أخرى في الكواليس، هي البنية التحتية المالية التي تبقى طهران على تواصل مع العالم الخارجي.
واستهدفت إسرائيل، ومجموعة قرصنة موالية لها تُدعى “بريداتوري سبارو”، مؤسسات مالية يستخدمها الإيرانيون لنقل الأموال والالتفاف على الحصار الاقتصادي الذي تقوده الولايات المتحدة، وفق مسؤولين إسرائيليين وآخرين مطلعين على هذه الجهود، حسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وأعلنت “بريداتوري سبارو”، التي تعمل بشكل سري، وتنشر تحديثات عن أنشطتها عبر إكس، في الأسبوع الماضي أنها شلّت بنك “سباه” الإيراني الحكومي، الذي يخدم القوات المسلحة الإيرانية ويساعدها في دفع المستحقات في الخارج، ما أدى إلى تعطيل خدماته عبر الإنترنت وأجهزة الصراف الآلي. وأقرت وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية بهذا الضرر.
كما اخترقت المجموعة منصة “نوبيتكس”، أكبر بورصة عملات مشفرة في إيران، التي تحظى بشعبية في إيران، ال لتحويل الأموال إلى الخارج. ووفق منصة التداول، استولى القراصنة على حوالي 100 مليون دولار أمريكي وأجبروها على الإغلاق.
وأوقفت الحكومة الإيرانية معظم الأنشطة الإلكترونية في البلاد لمنع مزيد من الهجمات ولكبح جماح المعارضة.
وأعلنت “بريداتوري سبارو” أن الاختراقين استهدفتا “شريان الحياة المالي” للحرس الثوري، الذي يُسيطر أيضاً على قطاعات واسعة من الاقتصاد، وقالت في رسائل عامة: “أيها الشعب الإيراني الكريم! اسحبوا أموالكم قبل فوات الأوان”.
ولا تزال الشركتان المستهدفتان تعانيان من صعوبات. وقالت شركة “نوبيتكس” إنها تواجه تحديات كبيرة في استعادة الخدمات، وتسعى إلى إعادة التداول هذا الأسبوع. ويقول بعض مستخدمي بنك سبه عبر الإنترنت إنهم لم يتسلموا أمولاً من البنك بعد.
رسائل
وقال ديدي لافيد، الرئيس التنفيذي لشركة سايفرز، شركة الأمن السيبراني في تل أبيب إنّ “تطور المجموعة واختيار أهدافها ورسائلها الجيوسياسية تُناسب فاعلاً سيبرانياً متحالفاً مع إسرائيل ومدعوماً منها”.
ونفى مسؤولون في المكتب الوطني الإسرائيلي لمكافحة تمويل الإرهاب، علمهم بصلات بين “بريداتوري سبارو” وإسرائيل،وأضافوا أن إسرائيل تستهدف بشكل واسع البنية التحتية الاقتصادية التي سمحت لإيران بتمويل جيشها ووكلائها، وفرضت عقوبات في وقت سابق من هذا الشهر على بنكها المركزي وبنوك أخرى يستخدمها الحرس الثوري الإيراني.
ويعتزم المكتب الوطني الإسرائيلي لمكافحة تمويل الإرهاب، الذي تشرف عليه وزارة الدفاع، إصدار أوامر إلى منصات تداول خارج إيران لمساعدتها في الاستيلاء على المزيد من أصول شركة “نوبيتكس” المشفرة. وقال المسؤولون إنه حدد 150 مليون دولار إضافية من الأموال التي تحتفظ بها “نوبيتكس”.
وردّت مجموعات إلكترونية موالية لإيران، باستهداف مواقع الحكومة الإسرائيلية بهجمات حجب الخدمة، حيث يهدف المتسللون إلى إغراق أجهزة الكمبيوتر التي تُوجّه حركة الإنترنت بسيل من الطلبات، وإرسال رسائل تصيد احتيالي إلى الإسرائيليين لمحاولة اختراق هواتفهم.
وصرحت المديرية الوطنية للأمن الإلكتروني في إسرائيل بأن الهجمات الإلكترونية الإيرانية لم تُسبب أي أضرار في الأسابيع الأخيرة.
وقال أمير راد، الرئيس التنفيذي لشركة نوبيتكس، في مقطع فيديو، عبر تلغرام: “كانت لهذا الهجوم دوافع سياسية للتسبب في ضائقة نفسية وإلحاق الضرر بممتلكات الشعب الإيراني”.
ويستخدم عملاء نوبيتكس، وعددهم 11 مليوناً، هذه المنصة لمبادلة الريال الإيراني بعملة تيثر، والتي يمكنهم تحويلها إلى عملات تقليدية أخرى في الخارج. وقال راد عبر “لينكد إن”، إن هدف نوبيتكس هو السماح للإيرانيين بتداول العملات المشفرة رغم “ظلال العقوبات”.
وقال أميت ليفين، المدعي العام الإسرائيلي، والمحقق السابق في بورصة بينانس للعملات المشفرة، والذي يقدم الآن استشارات للشركات حول الامتثال للجرائم المالية: “كانت نوبيتكس الخيار الرئيسي للإيرانيين لتخطي العقوبات”.
ولجأ الحرس الثوري الإيراني أيضاً إلى شركة نوبيتكس للمدفوعات الدولية، وفق مسؤولين إسرائيليين وباحثين في تقنية البلوك تشين.