السياسي – لا تزال السجّادات الحمراء تزين ممرات قصر الرئاسة السورية في العاصمة دمشق، حيث تتدلى الثريات الضخمة في غرف الاستقبال المزينة بأثاث دمشقي خشبي فاخر. كما أن التماثيل الحديثة ما زالت قائمة في المكاتب وغرف الجلوس.
-الحكم القمعي
لكن منذ فرار بشار الأسد، الذي حكم سوريا لأكثر من عقدين، يوم الأحد، أصبحت الفصائل المسلحة التي انطلقت من الشمال وسيطرت على العاصمة بعد أيام قليلة تتولى زمام الأمور في هذا الصرح الذي كان شاهدًا على حكم قمعي.
تحرس الفصائل المسلحة بوابة القصر، مانعين اللصوص والمدنيين من الدخول، وينامون على الأرائك في قاعة استقبال واسعة، معبرين عن اندهاشهم من تكلفة بناء هذا المبنى الضخم وصيانته، الذي كان مركز حكم الأسد لسنوات طويلة.
سمحت الفصائل لصحفيين من صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية بجولة في القصر، بصحبة أحد المقاتلين، الذي اكتفى بذكر لقبه «أبو عويس» مع تغطية وجهه والذي قال للصحيفة «إنه مدمّر الآن، لكننا نريد إصلاحه. إنه جميل، لكنه كان كله لبشار».
-الأيام الأخيرة
يكشف القصر لمحات عن الأيام الأخيرة لدكتاتور استخدم، على مدار أكثر من عقد، التعذيب والقصف والأسلحة الكيميائية لقمع ثورة بدأت مع احتجاجات عام 2011، بحسب ما أفادت الصحيفة.
في مكتب الأسد المهجور، كانت الأوراق والكتب متناثرة على المكتب والأرضية، بما في ذلك كتاب عن تاريخ الجيش الروسي، وخريطة لشمال شرقي سوريا، وسيرة ذاتية له.
كما وُجد على المكتب شرائط من أدوية البنزوديازيبين المضادة للقلق، التي كانت ما تزال في عبواتها.
في المخزن الكبير، تراكمت الهدايا التي تلقاها الأسد من زوار حول العالم، بما في ذلك لوحة ذهبية من السعودية وجمل مرصع بالجواهر وصورة للملكة إليزابيث الثانية وزوجها الأمير فيليب.
وعلى الطاولة الطويلة في غرفة طعام رسمية وُجدت صحون من مجموعة «شاتو» لشركة «فيليروي آند بوش» مع إبريق شاي يحمل علم سوريا.
وفي أحد المكاتب المطلة على مشاهد بانورامية وكان يحتوي على حمام داخلي، عُثر على آثار بثينة شعبان، المستشارة التي خدمت عائلة الأسد لعقود، حيث وُجدت صور مؤطرة لما يبدو أنه احتفال بعيد ميلادها السبعين على الطاولة.
وخلف مكتبها، كانت هناك رفوف تضم لوحة لبشار الأسد وصورة مؤطرة لعدد من مجلة «تايم» لعام 1983 يظهر فيها حافظ الأسد تحت عنوان «سوريا: الصدام مع الولايات المتحدة، والسعي لدور أكبر».
-مخبأ المعركة الأخيرة
القصر الرئاسي المهجور الآن، والذي يقع على قمة تل بجانب دمشق، يبقى كمعلم لنظام مهزوم. تم تصميمه من قبل مهندس معماري ياباني واكتمل بناؤه عام 1990 في عهد والد الأسد، ويعد القصر نموذجًا للهندسة المعمارية السلطوية بقاعة واسعة وشكل مكعب.
يحتوي القصر على قاعتين على الأقل للاجتماعات الوزارية: إحداهما فوق الأرض والأخرى تحت الأرض. الغرفة السفلية جزء من مخبأ يبدو أنه بُني للمعركة الأخيرة.
في غرفة الاجتماعات الوزارية، تحت القصر بثلاثة طوابق، توجد لوحات نحاسية تحدد مقاعد وزير الدفاع وقادة عسكريين مختلفين.
وفي رأس الطاولة، يوجد مقعد الأسد المُحدد: القائد الأعلى. وتتصل الغرفة بمساكن تحت الأرض، بما في ذلك غرفة نوم وحمام، وكذلك أماكن إقامة للموظفين.
-سيارات فاخرة
يُظهر مقطع فيديو تم التحقق منه بواسطة شبكة «ABC News» الأميركية أسلوب الحياة الفاخر للرئيس السوري الفار بشار الأسد، حيث يكشف عن مرآب القصر الرئاسي المهجور في دمشق المليء بسيارات فاخرة.
تظهر اللقطات مجموعة سيارات تقدر قيمتها بملايين الدولارات، تركها الأسد خلفه عندما فرّ من البلاد مع اجتياح قوات المعارضة للعاصمة نهاية الأسبوع الماضي.
في تحول دراماتيكي للأحداث، اقتحم سوريون قصر بشار الأسد الرئاسي في دمشق، كاشفين عن أسطول فاخر من السيارات الفارهة. تضمنت المجموعة سيارات مرسيدس، بورش، أودي وفيراري، مما أثار دهشة الكثيرين. #سوريا #بشار_الأسد #أخبار pic.twitter.com/dlsajuSRER
— Multithings (@Multythings) December 9, 2024
في الفيديو، يشير الشخص الذي يقوم بالتصوير إلى السيارات باهظة الثمن، التي تشمل سيارات من طراز فيراري ولامبورغيني وأستون مارتن، قائلاً بدهشة «هل كنا نعيش حقًا؟».
إحدى السيارات تبدو من طراز فيراري F50، والتي تم إنتاج 349 نسخة فقط منها. تم بيع واحدة منها في مزاد نظمته «سوذبيز» هذا العام بأكثر من 5.5 مليون دولار.
تعرض القصر للنهب فور سقوط المدينة، إذ اختفت أجهزة التلفزيون من العديد من المكاتب، بينما كانت أرضية قاعة مؤتمرات ضخمة مغطاة بصناديق يبدو أنها كانت تحتوي على مجوهرات وأوانٍ زجاجية فاخرة، ربما كانت هدايا محفوظة لاستقبال الشخصيات المهمة.
ورغم ذلك، لم يتعرض المبنى الضخم نفسه لأضرار كبيرة، حيث يطل القصر، الذي يتميز بتصميمه المكعب، على معظم أجزاء المدينة.
ويجسد التباين بين فخامة القصر وبساطة من سيطروا عليه الاختلافات بين الزعيم الذي أُسقط والذين حلّوا مكانه.
-ثروة عائلة الأسد
تسلط السيارات الفاخرة الضوء على جانب من ثروة الأسد، التي يصعب تحديد حجمها بالكامل. ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة الخارجية الأميركية عام 2022، تقدر ثروة عائلة الأسد بما يتراوح بين مليار وملياري دولار، رغم صعوبة تأكيد هذه التقديرات.
وأوضح التقرير أن «صعوبة تقدير ثروة الأسد وأفراد عائلته الممتدة تنبع من انتشار الأصول العائلية التي يُعتقد أنها مخبأة في حسابات عديدة، ومحافظ عقارية، وشركات، وملاذات ضريبية خارجية».
وفي الوقت ذاته، يعيش 90% من سكان سوريا تحت خط الفقر حتى شهر مارس/آذار، وفقًا لوكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وتشير التقديرات إلى أن قرابة 13 مليون شخص في البلاد يعانون من انعدام الأمن الغذائي.