قضية لافارج تكشف انتهازية أجهزة الاستخبارات الفرنسية

السياسي – قال شاهدان،في محاكمة شركة “لافارج” في باريس، إن المعلومات التي قُدّمت من داخل مصنعها في سوريا عامَي 2013 و2014 كانت مفيدة للغاية للاستخبارات الفرنسية، لكن الأخيرة لم تكن على علم بأن الشركة كانت تموّل جهاديين.

وتُحاكم في هذه القضية شركة لافارج الفرنسية وثمانية من مسؤوليها السابقين بتهمة تمويل مجموعات متشددة، من بينها تنظيم “داعش” في سوريا حتى عام 2014، لضمان استمرار العمل في مصنعها للإسمنت هناك.

ويؤكد المتهمون، على وجه الخصوص، أن الدبلوماسية وأجهزة الاستخبارات الفرنسية كانت على علم تام بالمبالغ المالية التي قدمتها لافارج لفصائل مسلّحة معارضة مصنّفة “إرهابية”، مثل تنظيم “الدولة الإسلامية”.

وخلال جلسة الثلاثاء، أدلى المدير السابق للاستخبارات العسكرية كريستوف غومار، ومدير الأمن السابق في المجموعة كلود فيار، بشهادتيهما.

وفي الفترة الزمنية التي تنظر فيها المحكمة، كان فيار، وهو عنصر سابق في القوات البحرية الخاصة انتقل عام 2008 إلى العمل الأمني في شركة الإسمنت، ينقل بانتظام معلومات بشأن الوضع في سوريا إلى أجهزة الاستخبارات الفرنسية، وخاصة إدارة الاستخبارات العسكرية.

وقال غومار أمام المحكمة: “اعتبارًا من آب/أغسطس 2013، كان علينا جمع معلومات عن نظام بشار الأسد”، مشيرًا إلى أن الحكومة الفرنسية كانت ترغب في سقوطه.

وأضاف: “لم يكن لدي عملاء على الأرض، ولم تكن هناك سفارة فرنسية”.

وتابع: “ما كان يهمّني هو معرفة قدرات جيش بشار الأسد، وكيف يتحرك، وكيف يقاتل الفصائل المعارضة والجهادية”، مُقِرًّا بوجود “بعض الانتهازية” في طريقة عمل أجهزة الاستخبارات.

وفي حين غادرت شركات متعددة الجنسيات سوريا عام 2012، قامت لافارج فقط بإجلاء موظفيها الأجانب، لكنها أبقت العمال السوريين حتى أيلول/سبتمبر 2014، عندما سيطر تنظيم “داعش” على المنطقة التي يقع فيها المصنع.

وقال غومار إن التواصل مع لافارج “كان مفيدًا لرؤية التطورات بشكل أفضل، لكن لم يكن هناك أي حديث إطلاقًا عن مدفوعات مالية”، معترفًا بأن الشركة “قدمت معلومات قيّمة للعاملين في الاستخبارات الفرنسية” في عملهم ضد الإرهاب.

ويُشتبه في أن الشركة دفعت، بين 2013 و2014، عبر فرعها “لافارج سيمنت سيريا”، نحو خمسة ملايين يورو لجماعات مصنّفة “إرهابية”، بينها تنظيم “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة” المرتبطة حينها بـ “القاعدة”. كما دفعت لوسطاء مقابل حماية مصنع الإسمنت في الجلابية شمال سوريا، خلال سنوات الحرب التي بدأت عام 2011.

وخلال الفترة نفسها، وظّفت الشركة وسطاء لتأمين المواد الأولية اللازمة لتشغيل المصنع من مناطق كانت تحت سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” ومجموعات متشددة أخرى، وكذلك لتأمين العمال والمنتجات.

وتم فتح التحقيق في القضية عام 2017، عقب معلومات صحافية وشكويين قُدمتا عام 2016، الأولى من وزارة الاقتصاد لانتهاك الحظر المالي على سوريا، والثانية من جمعيات و11 موظفًا سابقًا في فرع الشركة بسوريا، بتهمة تمويل الإرهاب.

وفي موازاة ذلك، أطلقت المجموعة الجديدة التي نتجت من استحواذ “هولسيم” على لافارج، عام 2015، تحقيقًا داخليًا، مؤكدة دائمًا عدم علاقتها بالأحداث السابقة لعملية الدمج.

وبعد عامين، خلص التحقيق الذي أجراه مكتب “بايكر ماكنزي” الأمريكي ومكتب “داروا” الفرنسي إلى وجود “انتهاكات لقواعد السلوك التجاري في لافارج”.

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2022، أقرت لافارج في الولايات المتحدة بالذنب بدفع نحو ستة ملايين دولار لتنظيم “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة”، ووافقت على دفع غرامة بقيمة 778 مليون دولار.

أما في فرنسا، فتواجه الشركة غرامة قد تصل إلى مليار و125 مليون يورو، في حال إدانتها بتمويل الإرهاب. وفي حال إدانتها بانتهاك الحظر المالي على سوريا، ستكون الغرامة أكبر بكثير.

(أ ف ب)