قمة الدوحة …حتى تكن إستثائية… مطلوب إجراءات عملية رادعة ؟

د. فوزي علي السمهوري

لم تمر مرحلة على الدول العربية منذ الحرب العالمية الأولى وما اسفر عنها من تقسيم وتقاسم هيمنة ونفوذ بين الدول الإستعمارية أخطر على امنها وإستقرارها من هذه المرحلة .
مظاهر المرحلة القادمة :
تتميز المرحلة القادمة التي نشهد فصولها حاليا بمزيد من سياسة الإخضاع للدول العربية والإسلامية بالقوة العسكرية للنفوذ والهيمنة الأمريكية باداتها الكيان الإستعماري الإسرائيلي وما يحدث من حرب إبادة وتطهير عرقي للشعب الفلسطيني بقطاع غزة والضفة الغربية على مدار سنتين بتحد صارخ من قبل الولايات المتحدة الأمريكية واداتها “إسرائيل ” للإرادة الدولية وللشرعة الدولية وما حدث ويحدث في سوريا ولبنان من إعتداءات ممنهجة وإحتلال لاراض وإعتداءات بمسيرات على قافلة فك الحصار بتونس واليمن واخيرا في دولة قطر إلا البداية في مخطط يهدف إلى مزيد من تقسيم للدول العربية والإسلامية الكبيرة بسكانها ومساحاتها والثرية بثرواتها والإستراتيجية بموقعها الجغرافي .
العدوان على قطر :
العدوان على قطر لم يكن البداية ولن يكون النهاية كما صرح بذلك مجرم الحرب نتنياهو ورئيس الكنيست واعضاء حكومته وبوقاحة مندوب كيانه بالأمم المتحدة بانه رسالة للشرق الاوسط وبان اليد العسكرية الغاشمة الإسروامريكية قادرة على الوصول لأي دولة وقصف ما تصنفه بانه يشكل او قد يشكل تهديدا لأمن ومصالح امريكا وقاعدتها العدوانية الكيان الإستعماري الإسرائيلي المصطنع .
العدوان الإسرائيلي بضوء اخضر امريكي على قطر يمثل :
▪ إستخفافا وإنقلابا على ميثاق الأمم المتحدة ومبادئها .
▪ إضافة إلى كونه إستعراض بالقدرة على التدمير الشامل وخاصة مصادر الطاقة والثروات الطبيعية للدول العربية والإسلامية في حال تفكير اي منها بالخروج عن المظلة الأمريكية ورفض القبول بالكيان الإسرائيلي بحدود جغرافية جديدة ” إسرائيل الكبرى ” سيدا وقائدا فعليا للعالم العربي والإسلامي .
▪ كما ياتي خطوة لجس نبض عن مدى وكيفية ردود الفعل العربية والإسلامية على هذه السياسة العدوانية التوسعية وهل ستبقى مقصورة فقط على إصدار بيانات الإستنكار والشجب والرفض التي سرعان ما تتلاشى ام قد يتخذ مسارا جديدا عمليا لم تعهده امريكا وربيبتها ” إسرائيل ” سابقا بدأ من دول مجلس التعاون الخليجي التي يربطها إتفاقية أمنية و دفاعية مشتركة وخاصة من قبل الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية لما تحتله من مكانة مرموقة عربيا وإسلاميا التي تتعرض لضغوط امريكية للتخلي عن القضية الفلسطينية ومن ثم للدول العربية والدول الإسلامية المستهدف منها خاصة تركيا وباكستان وماليزيا وإندونيسيا وللقياس بمدى نجاح المخطط الأمريكي بالإستفراد بكل دولة دون اي رد تضامني عملي مع تلك الدولة مهما واجهت من أشكال العدوان والحصار بعد نجاحها بالإستفراد بفلسطين على الرغم من انها تشكل خط الدفاع الاول عن الأمن القومي العربي والإكتفاء بإصدار البيانات الداعمة نظريا باعتبارها القضية المركزية دون ان تترافق باي إجراء عملي سياسي او إقتصادي يتصدى للمخطط الإسروامريكي التوسعي الذي بشر به الرئيس ترامب إبان حملته الإنتخابية وبدا تنفيذه عمليا مما ساهم مساهمة فاعلة بإدامة الإحتلال الإسرائيلي لاراض الدولة الفلسطينية المحتلة والمعترف بها دوليا والمضي قدما بإجراء تغييرات جغرافية وديموغرافية وتشريعية في الارض المحتلة خلافا للقانون الدولي ولإتفاقية جنيف الرابعة وإستمرار حرب الإبادة والتطهير العرقي بمخطط واضح لتهجير قسري للشعب الفلسطيني خارج وطنه .
قمة الدوحة :
بناءا على ما تقدم تأتي قمة الدوحة العربية الإسلامية في ظرف إستثنائي يستدعي ويتطلب وضع إستراتيجة إستثائية موحدة بمضمونها وبرنامجها ورادعة بتنفيذها تنتصر ليس لفلسطين وقطر فحسب بل للمبادرة بالتصدي العملي للمشروع الامريكي الهادف لبسط نفوذه لعقود قادمة إستباقا لولادة نظام عالمي متعدد الأقطاب عبر إستخدام ما يتمتع به عالمنا العربي والإسلامي من عناصر قوة حماية للأمن القومي العربي الإسلامي بمفهومه القطري والجمعي قوامها :
اولا : التعامل مع امريكا المنحازة بلغة المصالح فلم يعد مقبولا تأمين إستمرار المصالح الامريكية السياسية والإقتصادية دون أي إعتبار للمصالح والحقوق العربية والإسلامية وحقها بالسيادة على ثرواتها وتراب وطنها دون تهديد .
ثانيا : الإعداد الحقيقي لبناء صناعة تكنولوجية عسكرية ذاتية فالأمة العربية الإسلامية غنية بعقولها وثرواتها فقد اثبت العدوان الإرهابي الإسرائيلي على قطر وعدم إكتشاف الرادارات القطرية للطيران والصواريخ الإسرائيلية وعدم تصدي قاعدة العديد الامريكية لتدمير الصواريخ وللطيران الإسرائيلي ان القواعد الامريكية المنتشرة بعدد من الدول ليست باي حال من اهدافها الدفاع عن تلك الدول وصون امنها مما يتطلب من جميع الدول العربية والإسلامية المبادرة بوقف شرائها للسلاح الامريكي والاوربي الذي ثبت عدم فعاليته عند الحاجة او بحكم السيطرة عليه من صانعيه .
ثالثا : رفض التبريرات الامريكية بعدم إبلاغ قطر بالعدوان لحظة إنطلاق طيران العدو الإسرائيلي فالتكنولوجيا والرادارت الامريكية الأكثر تطورا بقاعدة العديد إضافة إلى الأقمار الصناعية الأمريكية إكتشفت ذلك مبكرا وفقا لوسائل إعلام امريكية مما يوجب عدم الثقة بالكلام والوعود الأمريكية المنمقة الجميله الذي يخاطب بها الرئيس ترامب قادة الدول العربية والإسلامية فالقياس والحكم هو ما يقوم به من أفعال عملية ومواقف في مجلس الأمن والجمعية العامة وما الموقف الامريكي الذي حال دون إصدار قرار عن مجلس الأمن يندد بالعدوان الإسرائيلي على قطر ورفض مجرد ذكر إسرائيل بالبيان الصحفي وتركه للمجهول إلا الدليل .
رابعا : الإتفاق على بناء نظام إقتصادي تكاملي مشترك بدءا من تكتلات إقليمية ضمن السياق الشامل مما يعزز الأمن الإقتصادي والإجتماعي في سياق التنمية المستدامة والتحرر من الإستيراد الخارجي وخاصة فيما يتعلق بالتكنولوجيا .
حتى تكن إستثائية مطلوب من قمة الدوحة مغادرة الروتين :
لم يعد قيمة لاي مخرجات وقرارات تصدر عن قمة الدوحة العربية الإسلامية إذا لم تغادر الروتين بإصدار بيان ختامي ولو حمل مواقف تعتبر متشددة إقتصرت على الكلام والجمل الرنانة إذا لم يكن يرافقها ومقترنة بإجراءات عملية تنفيذية محددة فورية التنفيذ حال صدورها .
المطلوب بشكل ملح وفوري من قمة الدوحة التي تنعقد في ظل :
▪ إستمرار التصريحات الإسرائيلية عن عزمها على إستهداف قطر وغيرها من عواصم ومدن دول عربية وإسلامية .
.▪ رفض وقف عدوانها وجرائمها في غزة والضفة الغربية وقلبها القدس تنفيذا لقرار مجلس الأمن رقم ٢٧٣٥ ولقرارات محكمة العدل الدولية .
▪ وبالوقت الذي يجتمع فيه
وزير الخارجية الأمريكي مع مجرم الحرب نتنياهو وزمرته للبحث بآلية تنفيذ عملية التهجير القسري التي تصنف دوليا بجريمة تطهير
عرقي لابناء الشعب الفلسطيني من قطاع غزة بدءا من شهر تشرين اول القادم .
بات لزاما على قادة الدول العربية والإسلامية المشاركة وغير المشاركة بقمة الدوحة الإستثنائية ومع تزامنها مع عقد الدورة ٨٠ للجمعية العامة العمل على إستصدار قرارات تنفذ فورا وبإتجاهات عدة :
الأول : قطع كافة اشكال العلاقات السياسية والإقتصادية والتجارية والثقافية والإعلامية والأمنية مع الكيان الإسرائيلي الإستعماري العدواني العنصري .
الثاني : خفض مستوى العلاقات السياسية والدبلوماسية وتجميد العقود الإقتصادية والتجارية والعسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية برسالة غضب على سياستها المنحازة للكيان الإسرائيلي المارق دون إحترام للحقوق العربية والإسلامية مفادها البدء بالتعامل مع امريكا من موقع الإستقلالية وتبادل المصالح المشتركة دون إزدواجية وإنتقائية وبإلإتجاهين اي الندية بالتعامل من وإلى .
ثالثا : تحديد جدول زمني قصير لا يتجاوز اسابيع لإلزام ” إسرائيل ” تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بدءا من قرارات مجلس الأمن رقم ٢٣٣٤ و ٢٧٣٥ وقرار الجمعية العامة رقم ١٠ / ٢٤ الصادر في ١٨ ايلول الماضي تحت طائلة العمل على عزلها الكامل دوليا .
رابعا : التقدم بمشروع قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة بتجميد عضوية إسرائيل بالأمم المتحدة لتنصلها من شروط عضويتها المنصوص عليها بالمادة الرابعة من الميثاق ورفضها تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة وبقرار فرض العقوبات المنصوص عليها بميثاق الأمم المتحدة .
خامسا : إعتبار أمريكا طرفا مباشرا بالصراع مما يرتب على ذلك تحييدها عن التصويت بمجلس الأمن على القرارات المتعلقة وذات الصلة بالقضية الفلسطينية .
نعم فلتكن قمة الدوحة إستثائية ليس بتوقيتها وظرفها وإنما بمخرجاتها وقراراتها وبإتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لنقل التكتل العربي الإسلامي من تكتل تابع إلى قطب مستقل فاعل على الساحة العالمية مع قرب ولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب …
إجهاض المؤامرة الإسروامريكية بتهجير الشعب الفلسطيني خارج وطنه ودعم صموده على أرض وطنه ونضاله من اجل الحرية والإستقلال وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس يعني إجهاض المؤامرة الإسروامريكية بتمكين الكيان الإستعماري الإرهابي الإسرائيلي من توسيع حدوده تنفيذا لإقامة ” إسرائيل الكبرى “على حساب دول الإقليم والخليج العربي الذي بات على رأس قمة الإستهداف …
حتى تكن قمة الدوحة إستثائية الشعب العربي والامة الإسلامية ينتظرون ويتطلعون لقرارات إستراتيجية وإتخاذ إجراءات وتدابير عملية إستثائية رادعة للعدو الإسرائيلي ولكل من يساعده ويحميه تجد سبيلها للتنفيذ الفوري حتى لا تبقى حبرا على ورق حبيسة الادراج …
هل من امل ….؟