تجري الاستعدادات التحضيرية للقمة العربية الـ33 المفترض انعقادها يوم الخميس القادم الموافق 16 مايو/أيار الجاري في العاصمة البحرينية المنامة.
وتشمل هذه الاستعدادات الإجرائية المعتادة اجتماع المجلس الوزاري للجامعة، ووضع جدول الأعمال والقضايا التي ستناقشها القمة على مستوى الرؤساء، وصياغة البيان الختامي الذي قد يصدر عن القمة، والذي يفترض أن يحدد الموقف العربي من التطورات والملفات الكثيرة المفتوحة على الساحة الإقليمية، ولكن الجانب المنتظر هو تفعيل دور الجامعة العربية وتوحيد الموقف العربي تجاه التحديات والأزمات التي تتضخم في إقليمهم.
ورغم أن الملفات محل النقاش والبحث خلال القمة، ليست جديدة كقضايا وأزمات لأن بعضها موجود منذ عقود، فإن ما شهدته تلك الملفات مؤخراً من تطورات نوعية ومنعطفات تاريخية، يرفعها إلى مستوى الخطر الكبير أو القنبلة الموقوتة، ويجعلها تهديدات مصيرية تضع العالم العربي أمام احتمال “الانفجار” والكارثة.
والتجارب التاريخية وبعضها حديث وربما نعايشها علمتنا أن المحصلة النهائية لكل ما يقع في عالمنا العربي تمس الجميع مهما بعُدت المسافات الجغرافية وأن تأثيرات الأزمات أو التطورات الحاصلة تصل إلى كل أنحاء الدول العربية ومجتمعاتها رغم امتدادها.
الواقع يقول إن منطقتنا في حالة غليان بفعل ما تشهده من توترات متصاعدة ومؤشرات مواجهات عنيفة وربما انفجار حرب إقليمية مفتوحة أمر وارد، على خلفية ما يجري في غزة منذ سبعة أشهر فشلت كل المحاولات حتى الآن في إقناع مفتعلي الأزمات بالتهدئة، خصوصاً بعد أن دخلت أطراف أخرى على خط الأزمة، خصوصاً إيران وأذرعها ووكلاءها الإقليميين، فكاد دخولها الخشن وتأجيجها للأزمة يُشعل بالفعل حرباً إقليمية أوسع مدى وأشد تدميراً من السبب الأصلي وهو الحرب الأساسية الجارية بين إسرائيل وبعض الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، التي تدعي المقاومة.
بشكل أكثر وضوحاً، إن أصابع إيران تعبث في عدد من الدول العربية، وقد يكون ذلك بسبب وجود فراغات أمنية وسياسية.
ونجحت إيران للأسف في استقطاب وتجنيد قوى مجتمعية ومليشيات تابعة لها داخل بعض تلك الدول، فإن منع أو الحد من انفجار الموقف العسكري سواءً بشكل مباشر بين إيران وإسرائيل، أو عبر اتساع نطاق حرب غزة إقليمياً ليس مسؤولية دولة واحدة أو طرف بعينه دون الآخرين، وإنما هي بلا شك مسؤولية عربية عامة وجماعية.
ليس المقصود بتلك المسؤولية رفع السلاح أو حشد الجيوش، إنما المطلوب، هو التنسيق والتكامل وتوحيد الجهود العربية، لمنع هذا الاحتمال الكارثي والحيلولة دون تحول المنطقة إلى ميدان قتال مترامي الأطراف ومتعدد الجبهات.
لا شك في أن بعض الدول العربية تلعب أدواراً محورية وتضطلع بمهام رئيسية وجوهرية في معالجة قضايا المنطقة وإدارة أزماته، بعضها بحكم مسؤولياتها التاريخية وتموضعها الجغرافي الذي يفرض عليها التزامات وأدوارا معينة، مثل مصر، وبعضها الآخر، مثل دولة الإمارات التي تتمتع بشيء من الحراك الدبلوماسي المشهود، لكن في ظل الرغبة العربية في إحياء دور “البيت العربي” تظهر أهمية العمل تحت مظلة جامعة الدول العربية؛ لأن العمل بشكل جماعي وموحد من شأنه تحقيق هدفين اثنين الوضع العربي بات بحاجة إليهما، وهما: الهدف الأول: رفع الحرج عن أي دولة تبذل جهداً للمساعدة، ولكن تفسر جهودها تلك بأن لها حسابات خاصة بها. الهدف الثاني: أن العمل العربي الجماعي (الجامعة العربية) يوفر لأي تحرك ظهيراً مؤسسياً يعطي أي تحرك عربي زخماً وقوة سياسية أثبتت التجارب أننا في عالم لا يعترف إلا بالعمل الجماعي.
المأمول من قمة المنامة، أن يكون التفكير لمواجهة المخاطر الإقليمية المترتبة على حرب غزة، والاحتمالات الخطيرة المصاحبة لها، على أساس من العمل الجماعي والتنسيق المسبق والتفاهم، خاصة مع ظل تعاظم التهديدات والتحديات، بحيث أصبح من السهل ومن الضروري في الوقت ذاته، التوافق حولها وبلورة مواقف عربية واحدة وتضييق الفجوات بينها.
وبالتالي لا يتبقى سوى توحيد هذه المواقف والتحركات في منظومة متناغمة ومتكاملة، وتحت مظلة عربية واحدة جامعة، هي الجامعة العربية.