كاتب إسرائيلي : الصحافة العبرية خانت وظيفتها في تغطيتها الكاذبة لحرب غزة

السياسي – وجّه كاتب صحافي إسرائيلي مناهض للاحتلال انتقادات مباشرة وحادّة تبلغ حدّ لائحة الاتهام للصحافة العبرية بسبب مشاركتها في الحرب على غزة وطمس حقيقة العذابات الفلسطينية.
في مقال تنشره صحيفته “هآرتس”، يعلّق جدعون ليفي على الضجة التي يثيرها الصحافيون الإسرائيليون ردًّا على مساعي حكومة الاحتلال لتقييد حرية العمل الصحافي بإغلاق مؤسسات صحافية مثل إذاعة الجيش وسلطة البث وتشريعات معادية.
وكان العشرات من الصحافيين الإسرائيليين البارزين قد اجتمعوا في مؤتمر طارئ في تل أبيب وأطلقوا صيحة ضد مخططات الحكومة لتضييق الخناق عليهم تحت عنوان: “بدون حرية صحافة لا توجد ديمقراطية”.

عن ذلك يقول جدعون ليفي، اليوم، إن هذا صحيح، فبدون حرية صحافة ستموت الديمقراطية، ويمضي في مكاشفتهم: “كلام جميل وصحيح، فجرافة ضخمة تتقدم وتدوس حرية العمل الصحافي يقودها نتنياهو وثلّته، ومن السهل الهجوم على وزير الاتصالات شلومي كارعي قائد هذه الجرافة، لكن من الصعب جدًّا أن نضع الصحافة العبرية نفسها أمام المرآة. الصحافيون الإسرائيليون اجتمعوا أمس في تل أبيب وعلى جباههم وصمة، وفي مؤتمرهم لم يتطرق أحد لها. مع مثل هذه الوصمة لا حقّ للصحافة أن تناضل ضد الحكومة”.
ويرى ليفي أن المسؤولية الأولى عن الضربة الخطيرة التي تلقتها الصحافة تقع على عاتقها هي نفسها: فالحكومة لم تسدّ أفواه الصحافيين في الحرب على غزة، خلال العامين الأخيرين، بل إن الصحافة الإسرائيلية جنّدت نفسها طوعًا لطمس الحقيقة بسبب الخوف والاعتبارات التجارية “كي لا تستفز جمهور مستهلكيها”.
جدعون ليفي، الذي يغرّد خارج السرب الإعلامي العبري منذ بدأ عمله الصحافي قبل عقود، وخاصة في تغطية واقع الفلسطينيين تحت الاحتلال، يشدّد على أن الرقابة الذاتية أشدّ خطرًا من الرقابة الحكومية أو العسكرية.
ويضيف: “لذا لن يُعقد مؤتمر احتجاج حول عدم تغطية الحرب على غزة، فالكل راضٍ: الناشرون، المحرّرون، المراسلون، المشاهدون والقراء، وحتى الجيش مبسوط! الصحافة تروي للجمهور ما يريد سماعه”.

خطاب الضحية

ويسلّط ليفي الضوء على اعتماد الصحافة العبرية خطاب الضحية وتجاهلها قصص الوجع الفلسطيني في غزة، الوجع الذي “يزعزع الروح”.
ويضيف عن المفقود في المحتوى الصحافي العبري: “أي إشارة إلى الضحية الفلسطينية؟ أي كلمة عن البشر في غزة عدا الاسرى والأنفاق؟ أي تشكيك بشرعية الحرب وتبرير تفجير المستشفيات والبيوت؟ في الشاشات التلفزيونية العبرية تسود فكرة واحدة ورأي واحد يشرعن ما يجري. أكثر من 100 أسير فلسطيني قُتلوا في السجون الإسرائيلية، فهل حققت الصحافة العبرية بالجريمة أو اهتمت بالموضوع؟ لا شيء”.
ويعيد ليفي رسم ملامح العمل الصحافي المراد والطبيعي، المفقود لدى معظم الصحافيين الإسرائيليين، بالقول إن الصحافة الحرة عليها نشر كل شيء. فـ”الصحافة التي أدخلت رؤساء حكومات ووزراء السجن بفضل تحقيقات فضحت الفساد بجرأة، اختارت أن تقدم ما يدغدغ مشاعر الجمهور على طريقة ما يطلبه المستمعون، بدلًا من المعلومات، القومية بدلًا من الحقيقة”.

جدعون ليفي، الذي يضطر أحيانًا للتحرك تحت الحراسة بسبب كثرة التهديدات التي يتلقاها نتيجة كتاباته، يخلص في مقاله هذا بعنوان “على ماذا تدفعون” إلى أن الصحافة العبرية فقدت الحق في توجيه المزاعم ضد الحكومة قبل أن تفحص ذاتها، وبعدما خانت وظيفتها بنشر الحقائق الكاملة حول الحرب.
ويضيف: “هيا نناضل ضد إغلاق إذاعة الجيش وسلطة البث الجماهيري، لأنه بدونهما ستختنق الحقيقة. لكن علينا وقف عمليات تضليل الإسرائيليين والكذب عليهم ووقف خطاب الضحية. في العامين الأخيرين شهدنا تغطية صحافية عبرية حول حرب في غزة دون الغزيين، تغطية توقفت عند السابع من أكتوبر وكأننا لم نفعل شيئًا بعد ذاك اليوم، وكأننا لم نسجد للأبطال، وسط تجاهل تام لجرائمنا في القطاع”.