كاتب إسرائيلي: تغيير اسم الحرب على غزة محاولة لتسويق الفشل

السياسي – اعتبر كاتب إسرائيلي أن قرار حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو عقد أول اجتماع لها بعد انتهاء الحرب على قطاع غزة لمناقشة تغيير اسم الحرب “يكشف حجم الانفصال بين القيادة السياسية والواقع الميداني، ويعكس استمرار معركة السرديات التي يقودها نتنياهو منذ السابع من أكتوبر”.

وقال الكاتب يوسي فيرتر، محرر الشؤون الحزبية في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، في مقال نشره اليوم، إن الاجتماع الذي خُصص لمناقشة تغيير اسم حرب “السيوف الحديدية” إلى “حرب النهوض” أو “حرب القيامة”، ليس سوى “محاولة جديدة لإعادة تسويق الفشل على أنه بطولة، والهزيمة على أنها نهضة قومية”.

وأكد فيرتر أن نتنياهو “لا يريد لجنة تحقيق، بل لجنة تسميات”، معتبرًا أن الهدف من تغيير الاسم هو “طمس ذكرى أكبر إخفاق في تاريخ إسرائيل الحديث”.

ورأى أن من الأسهل على نتنياهو أن يغيّر اسم الحرب بدلا من مواجهة نتائجها، “فالتاريخ بالنسبة له ليس سجلا للحقائق، بل مساحة يمكنه إعادة كتابتها وفق حاجته السياسية”.

وأشار الكاتب إلى أن الخطوة تأتي بعد مرور عامين على اندلاع الحرب، في وقت لا يزال فيه أكثر من 100 ألف إسرائيلي نازحين عن منازلهم، وأسرى أموات في قبضة حركة “حماس”، في وقت تنشغل فيه الحكومة بالأسماء والشعارات.

وقارن فيرتر في مقاله، بين الوضع الحالي وحرب عام 1973، قائلا “حينها أيضًا حدث انهيار استخباري وحكومي هائل، لكن لم يخطر ببال أحد أن يغيّر اسم الحرب أو يجمّلها بأوصاف بطولية”.

وأضاف “كل حرب في تاريخ إسرائيل حملت اسمها الطبيعي، حتى عندما تضمنت إخفاقات أو خسائر فادحة. أما اليوم، فالحكومة التي يقودها نتنياهو تحاول استبدال كلمة (نهضة) بكلمة (كارثة)، وكأن الكلمة وحدها قادرة على محو الألم أو الغضب الشعبي”.

واعتبر الكاتب أن مقترح نتنياهو بإطلاق اسم “حرب النهوض” يعكس رغبته في تحويل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى “أسطورة خلاص قومي”، رغم أنه كان في نظر الإسرائيليين “يوم المحرقة المدنية”، حسب تعبيره.

ويعتقد الكاتب أن الحرب تحولت مع الوقت إلى “حرب تضليل وإهمال”، معتبرًا أنها في جوهرها “حرب نتنياهو”، لأنها استمرت لخدمة مصلحة شخصية أكثر من كونها حربًا وطنية.

وأضاف أن “الأسرى الذين كان يمكن استعادتهم منذ زمن تُركوا يعانون في الأنفاق، لأن نتنياهو لم يرغب في إنهاء الحرب. وعشرات الآلاف من المهجّرين لم يتلقوا الدعم اللازم، بينما كانت الحكومة مشغولة بمعاركها الإعلامية”.

وربط الكاتب بين جلسة تغيير اسم الحرب ومحاولة نتنياهو التهرب من جلسات المحاكمة التي يخضع لها بتهم الفساد.

وقال إن تخصيص أول جلسة حكومية بعد الحرب لمناقشة تغيير الاسم بدل فتح تحقيق رسمي ليس مصادفة بل إستراتيجية لتأجيل المساءلة.

وأضاف: “نتنياهو يعلم أن لجنة التحقيق ستصل إليه في النهاية، لذلك يفضّل الحديث عن الكلمات لا عن القرارات، وعن المصطلحات لا عن الأرواح التي أزهقت بسبب الإهمال”.

وأردف ساخرًا أن الجلسة المقبلة ستكون “عرضًا للتملق المنظّم”، حيث سيبدأ نتنياهو بمديح المؤسسة الأمنية التي هاجمها سابقًا خلال معركته ضد القضاء، ثم يتبعه الوزراء “واحدًا تلو الآخر في جوقة من الثناء والتبرير”.

وقال إن أساليب حكومة نتنياهو في التنصل من المسؤولية “جديرة بأن تُدرّس في كتب النظم الدكتاتورية”، مشيرًا إلى التحريض ضد عائلات الأسرى، وإقصاء العائلات الثكلى عن المراسم الرسمية، ونشر الإشاعات ضد قادة الجيش، كجزء من محاولة لتثبيت الرواية الرسمية وتكميم الأصوات المعارضة.

ورأى فيرتر أن نتنياهو بدأ يخسر حتى في ساحة الروايات الدولية، مشيرًا إلى أن حلقة برنامج 60 دقيقة الأميركي عرضت كيف شعر المبعوثان الأميركيان ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر بالخيانة من سلوك نتنياهو الذي هاجم الوفد الفلسطيني المفاوض في الدوحة.

وعلّق بالقول إن عبارة “الخيانة” باتت تتردد اليوم على ألسنة ملايين الإسرائيليين الذين أدركوا أن حربهم كانت “حرب إهمال قبل أن تكون حرب دفاع”.

وأضاف أنه حتى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يُعتبر الحليف الأقرب لنتنياهو، وجد وسيلة لمعاقبته، ليس عبر التصريحات العلنية فقط، بل من خلال تسريبات تكشف من الذي ضغط فعلا لإنهاء الحرب.

وختم فيرتر مقاله بالقول: “يمكن لنتنياهو أن يغيّر اسم الحرب كما يشاء، لكنه لا يستطيع تغيير جوهرها. فالتاريخ سيكتبها باسمها الحقيقي: حرب الإهمال”.