كاتس : متى كان قصف المستشفيات حادثاً مؤسفاً

السياسي – ناقوس الخطر دق الأسبوع الماضي. لقد أطلق طاقم دبابة النار على مستشفى في خان يونس، ما أسفر عن مقتل مدنيين وصحافيين، ووصف الحادث بأنه “حادث مؤسف”. طاقم الدبابة أطلق النار بناءً على “تفويض قديم” أعطي في اليوم السابق. لقد تم إطلاق أربع قذائف على المستشفى بناءً على تفويض قديم، وهذا ليس بالأمر الهين.

قيل الكثير وسيقال الكثير عن الضرر الدعائي الكبير لهذا الإطلاق، ولكن بالنسبة لي – كشخص ظل طوال 37 عاماً جزءاً من الجيش الإسرائيلي ومن عموده الفقري – ما يقلقني أكثر من ذاك الضرر الإعلامي، السؤال: كيف وصل الجيش إلى وضع ينفذ فيه إطلاق نار كهذا بدون سلسلة مصادقات مشددة؟ كيف بحق الجحيم، وصلنا إلى وضع يسمح فيه قادة الميدان لأنفسهم بهدم حائط مستشفى، بدون أن يتعرض أمنهم لخطر ملموس وفوري، ولا ترتجف أيديهم؟

المسؤولية لا تقع فقط على عاتق القادة وجنود الجيش الإسرائيلي؛ فالسمكة تفسد من رأسها، والرأس ليس رئيس الأركان الذي يواجه أيضاً ظروفاً غير محتملة، الرأس هو وزير الدفاع. عندما عين نتنياهو كاتس الخالي من المؤهلات، فإنه أرسل رسالة واضحة وقاطعة للمنظومة كلها: المهنية، القيمية، التجربة الأمنية، السلطة التقديرية – كل هذه لا أهمية لها. كل شيء سياسي، فقط سياسي. والوزير كاتس لم يخيب ظنه، إحدى خطواته الأولى كانت إلغاء الاعتقال الإداري لليهود وإطلاق يد المستوطنين لتنفيذ أعمال شغب واعتداءات ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. بعد ذلك، تطاول على رئيس الأركان حينئذ هيرتسي هليفي، وعلى المتحدث باسم الجيش دانييل هاجاري.

منذ ذلك الحين لم يتوقف كاتس عن إطلاق تصريحات تهديد علنية على غزة بفتح “أبواب جهنم” عليها وكأنها لم تصبح جحيماً كبيراً مليئاً بالجوع والدمار. هو يتدخل في التعيينات، دون أي خلفية أو معرفة بالمرشحين، ولا يدعم رئيس الأركان عندما يجري رئيس الوزراء مقابلة مع جنرال في الجيش الإحتلال مرشحاً لمنصب رئيس جهاز “الشاباك” من وراء ظهره، أو عندما يوجه إليه الوزراء إهانات في اجتماعات مجلس الوزراء. هو يشغل منصبه منذ ما يقارب العام، ولم يتخذ أي إجراء إيجابي حتى الآن. عمل حزبي، تصريحات متعجرفة، وانعدام للاحترافية – ومرة أخرى، السياسة فوق كل اعتبار. كل هذا هو ما يقدمه كاتس لأهم منظومة في إسرائيل.

أما بالنسبة للمنظومة نفسها، الجيش الإسرائيلي، فهي في إحدى اللحظات الصعبة تاريخياً. الجيش يحارب منذ ما يقارب السنتين داخل بيئة مدنية معقدة، وفي وقت يُختطف فيه إسرائيليون . جنودنا منهكون وتعرضوا لصدمة. وهنالك جنود فقدوا إخوتهم الذين حاربوا إلى جانبهم، أكثر ما يحتاجونه الآن هو قيادة مهنية قوية ومؤهلة. القدرة على الحفاظ على تعليمات فتح النار، وعلى طهارة السلاح، وعلى الانضباط العسكري، والذي هو مهم للأداء المهني، وعلى تصدي صحيح لمسائل عملياتية في محيط مكتظ، كلها أمور تحمل تحدياً كبيراً. وعندما ينظرون إلى الأعلى، ما الذي يرونه؟ يرون أن قائدهم ناشط سياسي طموح ومتملق. فهل من المستغرب ألا ترتعد أيديهم قبل إطلاق أربع قذائف على المستشفى؟

صورة الجيش الإسرائيلي مثلما عرفناها حتى حرب “السيوف الحديدية”، تحددها حرب مستمرة في فضاء مدني مكتظ، وطريق اختراق قوات مسيحانية متطرفة إلى سلسلة قيادته تتحدى الانضباط العملياتي وقيماً مثل طهارة السلاح؛ ويتم تحدي هذه أيضاً من فهم يتغلغل داخل الجيش الإسرائيلي بأن هذه الحرب لا تخدم إلا أهدافاً سياسية لرئيس الحكومة وأهدافاً مسيحانية للجناح اليميني المتطرف.

هذه التحديات هي أكبر بعدة أرقام على الوزير كاتس، والتفكير أن الجيش يخضع لإمرة هذا الشخص العاجز، يجب أن تقلق راحتنا جميعاً في وقت الحسم. إذا لم نستبدل القيادة الفاشلة هذه في أقرب وقت، فلن يبقى لنا جيش نحارب به.

نمرود شيفر
هآرتس 2/9/2025