“إسرائيل” تعتبر نفسها فوق القانون الدولي، ولذلك لا يعنيها بيانات الشجب والتنديد والاستنكار، طالما الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب، والإدارات السابقة، تقدم مختلف أشكال الدعم والإسناد المالي والسياسي والأمني واللوجستي لـ”إسرائيل” كدولة وظيفية لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية.
تواصل “إسرائيل” الإبادة الجماعية للفلسطينيين في قطاع غزة دون محاسبة، بل يتم استخدام الفيتو 7 مرات من قبل الإدارة الأمريكية لمنع وقف العدوان والإبادة الجماعية في القطاع.
أركان حكومة نتنياهو، بن غفير وسموتريتش، لن يوقفوا العدوان قبل تحقيق الأهداف الأساسية: تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وضم الضفة الغربية تحت مسمى “يهودا والسامرة” لمنع تحقيق حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية، وفقًا للقرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي للأمم المتحدة.
لكل هذه الأسباب، قد تتحقق الهدنة في قطاع غزة، ولكن أهداف “إسرائيل” لن تتوقف، طالما يفتقر الجانب الفلسطيني إلى الإمكانيات اللوجستية والعسكرية. “إسرائيل” ليست عاجزة عن احتلال قطاع غزة، ولكن الهدف الأساسي هو التدمير الشامل للقطاع، بحيث لا تتوفر الإمكانيات للعيش البشري بعد المسح الجغرافي والسكاني، وتدمير كل مرافق الحياة، لعدم تمكين الفلسطينيين من العيش فيه، مما يؤدي إلى تهجيرهم.
حركة حماس كان هدفها حماية القدس ومقدساتها، وتحرير الأسرى والأسيرات من سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولكن هذه الأهداف الأساسية لعملية “طوفان الأقصى” لم تتحقق. واليوم، لا تريد حماس وقف إطلاق النار قبل معرفة مصيرها المجهول، خاصة عشية مؤتمر نيويورك بالأمم المتحدة، حيث تم إدانة عملية السابع من أكتوبر 2023 من قبل المشاركين في المؤتمر، إضافة إلى الإعلان الصريح من عدد من الدول العربية عن ضرورة خروج حماس من المشهد السياسي وتسليم سلاحها إلى السلطة الفلسطينية.
هذه الأسباب دفعت حماس إلى التراجع عن المضي في إنجاح الهدنة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة. وقد حمل كلا الجانبين، حماس و”إسرائيل”، مسؤولية فشل الهدنة للطرف الآخر، وفي نهاية الأمر، كل يوم يمضي يتصاعد عدد الشهداء والجرحى والمصابين والمعتقلين.
بعد فشل الهدنة، توجهت حماس إلى إيران، وأكدت أنه لا تفاوض على سلاحها، وبدأت تغريدات قيادات حماس عن المقاومة، رغم أننا علمنا بأن المفاوضات بين حماس و”إسرائيل” والإدارة الأمريكية كانت تسير بشكل إيجابي، كما صرّح بذلك قيادات حماس أنفسهم خلال اللقاءات المتكررة الأخيرة بين المبعوث الأمريكي يتكوف والسيد خليل الحية، حيث طلب الأخير مصافحة يتكوف خلال إعلان الهدنة.
وسبق ذلك أن السيد خالد مشعل وقع على اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس و”إسرائيل” تحت مسمى “وقف الأعمال العدائية بين الجانبين” عام 2012، برعاية الرئيس الراحل محمد مرسي، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر، ووزير الخارجية الأمريكية، ومدير مكتب نتنياهو، ومسؤولين عن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، حيث كان اليوم التالي لبقاء سلطة حماس في قطاع غزة، ولذلك تم الاتفاق.
إنقاذ الفلسطينيين في قطاع غزة يتطلب موقفًا فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا لوقف الإبادة الجماعية للفلسطينيين في القطاع.
عمران الخطيب
Omranalkhateeb4@gmail.com