كلّ إناءٍ بما فيه ينضح!

ابراهيم ملحم

يستدعي الفيديو المولّد بتقنية الذكاء الاصطناعي، الذي نشره الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على منصته الخاصة “تروث سوشيال”، ويظهر فيه معتمرًا التاج الملكيّ، وهو يقود طائرة نفاثة تُلقي القاذورات على رؤوس الملايين من الأمريكيين من مختلف المنابت والأصول، الذين خرجوا محتجين على سياساته، ونوازع التمديد التي تتملكه بعد انتهاء مدة رئاسته، هذا الفيديو يستدعي المثل القائل: “كلّ إناءٍ بما فيه ينضح”.
فليس مستغربًا على من سمح بإلقاء أحدث ما أنتجته مصانع الأسلحة الأمريكية من مقذوفاتٍ على رؤوس النساء والأطفال لمدة حولين كاملين، في إبادةٍ موصوفةٍ في القطاع المدمر، أن يُلقي على شعبه القاذورات، ذلك أنّ الفرق بين الكلمتين لا يتعدى ترتيب الحروف في قاع الجمجمة المسكونة بنوازع السيطرة، وتضخم الذات، وأمراض الاستعلاء والنرجسية، التي تتلبّس العقل الذي يسعى لنيل نوبل على جسرٍ من جثث الضحايا، وركام المباني المدمرة ليقيم عليها “الريفييرا” الموعودة.
ليس هذا فحسب، إذ يبدو أن الناطقة باسمه “كارولين ليفيت” تشبهه في فظاظته، حين ردت على سؤالٍ لصحفيّ: “مَن الذي اختار مكان الاجتماع المرتقب بين ترمب وبوتين؟” بالقول: “أُمك”، والأدهى من الرد ما جاء في بيان البيت الأبيض من تبريرٍ لسلوك ليفيت، إذ وصف الرد بالدبلوماسي!
هي ثورةٌ مليونيةٌ بدأت بخطوةٍ على طريق الألف ميل، يروم منها الأمريكيون، الذين خرجوا بالملايين في ٢٥٠٠ تظاهرة جابت شوارع معظم الولايات الأمريكية، استعادة قيم الآباء المؤسسين للدولة العظمى، لاستدراك الفوات، وتعديل المسار لرئيسٍ يبرع في تأجيج مشاعر الكراهية بين أبناء الوطن الواحد، ويستفز القيم بمحاولاته تعديل الدستور، لضمان بقائه على العرش ملكًا على البلاد والعباد بلا منازعٍ إلى الأبد.